الْمُسَمَّى لَهُ غَالِبًا فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَأَيْضًا فَإِنَّ ظُهُورَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِعَمَلِ الْعَامِل فِيهَا أَثَرٌ بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا وَخِدْمَتِهَا فَلَا يَذْهَبُ عَمَلُهُ مَجَّانًا وَقَدْ أَثَّرَ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْمُضَارِبِ أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ دُونَ الْعَامِلِ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ ثَمَرَةِ الْمُسَمَّى لَهُ.
وَمِنْهَا إذَا زَارَعَ رَجُلًا عَلَى أَرْضِهِ ثُمَّ فَسَخَ الْمُزَارَعَةَ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَ الْبَذْرِ وَبَعْدَ الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي مَسَائِلِهِ قُلْت لِأَحْمَدَ: الْأَكَّارُ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْأَرْضِ فَيَبِيعُ الزَّرْعَ قَالَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ قُلْت فَيَبِيعُ عَمَلَ يَدَيْهِ وَمَا عَمِلَ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ فِيهَا زَرْعٌ قَالَ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ بَعْدُ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ التَّمَامِ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ يَقُولُ يَجِبُ لَهُ بَعْدَ مَا يَبْلُغُ الزَّرْعُ لِمَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ حَتَّى يَفْرُغَ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ يَذْهَبُ عَمَلُ يَدَيْهِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْأَرْضِ فَلَا وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ أَوْ خَرَجَ بِإِذْنِهِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ انْتَهَى
. فَحَمَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ قَوْلَ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ أَوْ خَرَجَ بِإِذْنِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ تَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِيَدَيْهِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ مَالِهِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ آثَارَ عَمَلِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَعْيَانًا وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلِهَذَا نَقُولُ فِي آثَارِ الْغَاصِبِ إنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُفْلِسُ وَنَحْوُهُ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْعِمَارَةِ الَّتِي هِيَ الْإِثَارَةُ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ بِعِمَارَتِهِ
وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ زَارَعَ رَجُلًا عَلَى مَزْرَعَةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ أَجَّرَهَا هَلْ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ أَنَّهُ إنْ زَارَعَهُ مُزَارَعَةً لَازِمَةً لَمْ تَبْطُلْ بِالْإِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً أَعْطَى الْفَلَّاحَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَأَفْتَى أَيْضًا فِي رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضًا وَكَانَتْ بَوَارًا وَحَرَثَهَا فَهَلْ لَهُ إذَا خَرَجَ مِنْهَا فَلَّاحُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ فِي الْأَرْضِ فِلَاحَةٌ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فَلَهُ قِيمَتُهَا عَلَى مَنْ انْتَفَعَ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ انْتَفَعَ بِهَا وَأَخَذَ عِوَضًا عَنْهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرَةِ فَضَمَانُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عَنْ الْأَرْضِ وَحْدَهَا فَضَمَانُ الْفِلَاحَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُنْتَفِعِ بِهَا وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَعْلُومَةً وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا مَفْلُوحَةً كَمَا أَخَذَهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ كَمَا شَرَطَ وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ.
وَمِنْهَا الْمُضَارَبَةُ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمَالِكِ لَهَا وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضَا وَلَكِنْ لِلْمُضَارِبِ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرِبْحِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَنْعَزِلُ مَا دَامَ عَرْضًا بَلْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسُ [الْمَالَ] وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ عَزْلُهُ وَإِنَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَذَكَرَا فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي مُطْلَقَ كَلَامِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُضَارِبَ بَعْدَ الْفَسْخِ يَمْلِكُ تَنْضِيضٌ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ رِبْحٌ لَكِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ صَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute