مَالِكِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إذَا قَصَدَ الْمَالِكُ بِعَزْلِهِ الْحِيلَةَ لِاقْتِطَاعِ الرِّبْحِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا يَرْجُو بِهِ الرِّبْحَ فِي مَوْسِمِ فَيَنْفَسِخُ قَبْلَهُ لِيُقَوِّمَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَيَأْخُذُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّ الْمُضَارِبِ فِي الرِّبْحِ وَإِذَا جَاءَ الْمَوْسِمَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ فَجَعَلَ الْعَقْدَ بَاقِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى اسْتِحْقَاقِ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَرَادَ الْمَالِكُ إسْقَاطَهُ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِهِ بِعَمَلِ الْمُضَارِبِ فَهُوَ كَالْفَسْخِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا فِي بَابِ الْجِعَالَةِ الْمُضَارَبَةُ كَالْجِعَالَةِ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ فَسْخَهَا بَعْدَ تَلَبُّسِ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ وَقَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْفَسْخَ بَعْدَ أَنْ يَنِضَّ رَأْسَ الْمَالِ وَيَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَسْخَ لِئَلَّا يَتَمَادَى بِهِ الزَّمَانُ فَيَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ الْأَرْبَاحُ. قَالَ وَهَذَا هُوَ دَوْرَانَ بِمَذْهَبِنَا وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَاتِ الْفَسْخُ مَعَ كَتْمِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى غَايَةِ الْإِضْرَارِ وَهُوَ تَعْطِيلُ الْمَالِ عَنْ الْفَوَائِدِ وَالْأَرْبَاحِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ عِنْدَنَا فَسْخَهَا وَرَأْسُ الْمَالِ قَدْ صَارَ عُرُوضًا لَكِنْ إذَا بَاعَ وَنَضَّ رَأْسَ الْمَالِ يَنْفَسِخُ انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ الْفَسْخُ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسَ الْمَالِ وَيَعْلَمَ بِهِ رَبُّهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَعْطِيلِ مَالِهِ عَنْ الرِّبْحِ كَمَا ذَكَر أَنَّهُ فِي الْفُضُولِ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ إذَا تَوَجَّهَ الْمَالُ إلَى الرِّبْح وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْعَامِلِ وَهُوَ حَسَنٌ جَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ فِي اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ وَسَدِّ الذَّرَائِعِ وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ الْمُضَارِبَ إذَا ضَارَبَ لِآخَرَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْأَوَّلِ وَكَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ رَدَّ حَقَّهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ إذَا فَسَخَ قَبْلَ الظُّهُورِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجِعَالَةِ فَفِيهِ بُعْدٌ إلَّا أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَالِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ مِثْلَهُ أَيْضًا فِي بَابِ الْجِعَالَةِ.
وَمِنْهَا الشَّرِكَةُ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا عَقْدَهَا بِالْقَوْلِ انْفَسَخَتْ وَإِنْ قَالَ الْآخَرُ عَزَلْتُكَ انْعَزَلَ الْمَعْزُولُ وَحْدَهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَيَنْفَسِخُ مَعَ كَوْنِ الْمَالِ عُرُوضًا أَوْ نَاضًّا وَحَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ رِوَايَةً أُخْرَى لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالَ كَالْمُضَارِبِ قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّرِيكَ وَكِيلٌ وَالرِّبْحُ يَدْخُلُ تَبَعًا بِخِلَافِ حَقِّ الْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ أَصْلِيٌّ وَلَا يَدْخُلُ بِدُونِ الْبَيْعِ.
وَمِنْهَا الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَهُ فِي فِعْلِ شَيْءٍ ثُمَّ عَزَلَهُ وَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ تَصَرُّفًا يُوجِبُ الضَّمَانَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْمُوَكِّلُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ثُمَّ عَزَلَهُ فَاسْتَوْفَاهُ قَبْلَ الْعِلْمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِأَنَّ عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ حَيْثُ حَصَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَفَى بَعْدَ الرَّمْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الضَّمَانُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ عَفْوَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرْنَا وَبِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِهِ وَالثَّانِي عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ لَا يَعْلَمُ بِعِصْمَتِهِ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ مَنْ لَا يَعْلَمُ تَحْرِيمَهُ فَقَتَلَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute