للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَانِيَةٌ وَهِيَ الْبِنَاءُ عَلَى انْعِزَالِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ فَيَقَعُ الْقِصَاصُ مُسْتَحَقًّا لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ صَحَّ الْعَفْوُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُرْتَدًّا وَكَانَ [قَدْ] أَسْلَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ لِتَغْرِيرِهِ.

وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ الْعَفْوَ إحْسَانٌ مِنْهُ لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَعَلَى هَذَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَكِيلِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ اسْتَنْمَتْ الْقَاضِي فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَقَدْ يُقَالُ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ كَذَا حَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ وَهُوَ إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ عَفْوِهِ، وَتَرَدَّدَا بَيْنَ تَغْرِيرِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ.

وَهَلْ يَكُونُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَزَادُوا إذَا قُلْنَا فِي مَالِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ [فِي] عِتْقِ عَبْدِهِ ثُمَّ عَزَلَهُ ثُمَّ فَعَلَ مَا وَكَّلَهُ فِيهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِعَزْلِهِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ فَالتَّصَرُّفُ صَحِيحٌ وَلَا كَلَامَ وَإِنْ قِيلَ يَنْعَزِلُ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ وَقْفُ الْمُشْتَرِي وَعِتْقُهُ.

وَأَمَّا اسْتِقْلَالُهُ فَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ لِانْتِفَاءِ تَفْرِيطِهِ وَالْمُشْتَرِي مَغْرُورٌ وَفِي تَضْمِينِهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَإِذَا ضَمِنَ رَجَعَ عَلَى الْغَارِّ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْغَارُّ هُنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَهَى. وَعَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْوَكِيلِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ قَدْ يَتَوَجَّهُ ضَمَانُ الْوَكِيل هُنَا وَفِيهِ بُعْدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ لِلْغَارِّ وَالْغَارُّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَضْمَنَ لَا أَنْ يُضْمَنَ لَهُ.

وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ تَضْمِينُهُ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ هُنَا عَلَى الْوَكِيلِ.

[الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ الْمُتَصَرِّفُ تَصَرُّفًا عَامًّا عَلَى النَّاس كُلِّهِمْ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةِ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْإِمَامُ]

(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَة وَالسِّتُّونَ) : الْمُتَصَرِّفُ تَصَرُّفًا عَامًّا عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةِ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْإِمَامُ، هَلْ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ الْوِكَالَةِ لَهُمْ أَوْ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ؟ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ وَخَرَّجَ الْآمِدِيُّ رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَطَأَهُ هَلْ هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ بِنَفْسِهِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ مُتَصَرِّفٌ بِوَكَالَتِهِمْ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ فَلَا يَضْمَنُ لَهُمْ وَلَا يُهْدِرُ خَطَاءَهُ فَيَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوِكَالَةِ لِعُمُومِهِمْ، وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ رِوَايَتَيْنِ فِي انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ الْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَهَذَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِلْخِلَافِ فِي الْوِلَايَةِ وَالْوِكَالَةِ أَيْضًا، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْضًا انْعِزَالُهُ بِالْعَزْلِ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ

<<  <   >  >>