للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهَا: الْمُرْتَدُّ إذَا قُتِلَ فِي عِدَّةِ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ تَلَافِي النِّكَاحِ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

وَمِنْهَا: لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تَحْتَ كَافِرٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا تَعَارَضَ مَعَنَا أَصْلَانِ عُمِلَ بِالْأَرْجَحِ مِنْهُمَا لِاعْتِضَادِهِ بِمَا يُرَجِّحُهُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا خَرَّجَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا غَالِبًا.

مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ: مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ الْقُلَّتَيْنِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ أَوْ طَهَارَتِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ.

وَالثَّانِي: هُوَ طَاهِرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَأَمَّا أَنَّ أَصْلَهُ الْقُلَّةُ فَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، كَمَا إذَا كَانَ كَثِيرًا ثُمَّ نَقَصَ وَشَكَّ فِي قَدْرِ الْبَاقِي مِنْهُ، وَيُعَضِّدُ هَذَا أَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ عَدَمِهِ، وَأَيْضًا فَلِلْأَصْحَابِ خِلَافٌ فِي الْمَاءِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ هَلْ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَنْجُسَ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ فَلَا يَنْجُسُ لِمَشَقَّةِ حِفْظِ الْكَثِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ، أَمْ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَيَنْجُسُ ; لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَكَادُ يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ عَلَيْهِ غَالِبًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ هَذَا الْمَاءِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْمَأْخَذَيْنِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي إثْبَاتِ نِصْفِ الْقِرْبَةِ الَّذِي رَوَى الشَّكَّ فِيهِ فِي ضَبْطِ الْقُلَّتَيْنِ وَإِسْقَاطِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ هَلْ هُمَا خَمْسُ قِرَبٍ أَوْ أَرْبَعٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا: مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ رَوْثَةٌ وَشُكَّ هَلْ هِيَ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ أَوْ مَاتَ فِيهِ حَيَوَانٌ وَشُكَّ هَلْ هُوَ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجَسٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ وَالْمَيْتَاتِ النَّجَاسَةُ، وَحَيْثُ قَضَى بِطَهَارَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَرُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُرَخَّصِ هَاهُنَا فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ فَلَا يُزَالُ عَنْهَا بِالشَّكِّ، وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ النَّجَاسَةُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فِي رَجُلٍ وَطِئَ عَلَى رَوْثٍ لَا يَدْرِي لِحِمَارٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ.

وَمِنْهَا: إذَا قَعَدَ الذُّبَابُ عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ ثُمَّ سَقَطَ بِالْقُرْبِ عَلَى ثَوْبٍ وَشُكَّ فِي جَفَافِ النَّجَاسَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجِسٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ نَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَالثَّانِي: لَا يَنْجُسُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ.

وَمِنْهَا: إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ وَرَكَعَ مَعَهُ وَشَكَّ هَلْ رَفَعَ إمَامُهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

<<  <   >  >>