للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ الصَّكُّ إنَّمَا يَحْتَالُ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُقِرُّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ وَالْعَطَاءُ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مُغَيَّبٌ لَا يَدْرِي أَيَصِلُ إلَيْهِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ نَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الصَّكَّ عَلَى الرَّجُلِ بِالدَّيْنِ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْعَرْضِ إذَا خَرَجَ وَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ يَعْنِي مُشْتَرِيَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ وَلَا أَبَاحَ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَنَافِعِ وَالثَّمَرِ فِي شَجَرِهِ، حَاصِلُ هَذَا يَرْجِعُ إلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْغَرِيمِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ كَمَا تَرَى.

[مَسْأَلَة بَيْعُ الْمَغَانِمِ قَبْلَ أَنْ تُقَسَّمَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: بَيْعُ الْمَغَانِمِ قَبْلَ أَنْ تُقَسَّمَ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى كَرَاهَتِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُصِيبُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ ثَابِتًا عَلَيْهِ لَكِنَّ الْإِمَامَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِعَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ وَصَحَّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ جَابِرٌ أَكْرَهُ بَيْعَ الْخُمْسِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقَسَّمَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبَاهِلِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ - يَعْنِي - الْعَبْدِيَّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَشْتَرُوا الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ وَالْمَغَانِمَ حَتَّى تُقَسَّمَ» أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ شَهُرَ [وَإِسْحَاقُ بْن راهويه وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا] وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْبَاهِلِيُّ بَصْرِيٌّ مَجْهُولٌ وَشَهْرٌ حَالُهُ مَشْهُورٌ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يُقَسَّمَ» وَفِي الْحَدِيثِ طُولٌ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ وَحَسَّنَهُ.

وَخَرَّجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ ; عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقَسَّمَ» وَخَرَّجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقَسَّمَ» مُرْسَلٌ وَهَذَا فِي حَقِّ آحَادِ الْجَيْشِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَجْهُولٌ وَبَعْدَهُ تَعَدٍّ وَغُلُولٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَبَدُّ بِالْقِسْمَةِ دُونَ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَقَسَّمَ ثَمَنَهُ فَلَهُ ذَلِكَ

[مَسْأَلَةُ بَيْعُ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: بَيْعُ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ وَمَأْخَذُهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُمْلَكُ بِدُونِ الْقَبْضِ وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ الصَّدَقَةُ حَتَّى تُعْتَقَلَ وَتُوسَمَ» وَعَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الْبَجَلِيِّ عَنْ خَثْعَمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ» وَهَذَا الْمُرْسَلُ أَشْبَهُ مِنْ الْمُسْنَدِ السَّابِقِ.

فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ إذَا تَعَيَّنَتْ مِنْ غَيْرِ

<<  <   >  >>