للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَقٍّ لَا بَيْعٌ وَهَذَا لَا يَقْضِي أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ وَقَالَ الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ زَيْدًا اشْتَرَاهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِأَكْلِ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَلَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَفِي الْمَعْنَى احْتِمَالٌ: لَا يَحْنَثُ هُنَا، وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّج أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ.

وَنَخْتِمُ هَذِهِ الْفَوَائِدَ بِذِكْرِ فَائِدَتَيْنِ بَلْ قَاعِدَتَيْنِ يَكْثُرُ ذِكْرُهُمَا فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَانْتَشَرَ فُرُوعُهُمَا انْتِشَارًا كَثِيرًا وَنَذْكُرُ ضَوَابِطهمَا وَأَقْسَامَهُمَا.

[الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ التَّصَرُّفَاتُ لِلْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ هَلْ تَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِ أَمْ لَا]

[الْعِشْرُونَ] الْفَائِدَةُ الْأُولَى التَّصَرُّفَاتُ لِلْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ هَلْ تَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِ أَمْ لَا وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ وَتَحْتهَا أَقْسَامٌ (الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ أَوْ حَقِّهِ وَيَتَعَذَّرُ اسْتِئْذَانُهُ إمَّا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْبَتِهِ وَمَشَقَّةِ انْتِظَاره فَهَذَا التَّصَرُّفُ مُبَاحٌ جَائِزٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ وَهُوَ فِي الْأَمْوَالِ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى إذْنِ حَاكِمٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي الْإِبْضَاعِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ أَيْضًا وَفِي افْتِقَارِهِ إلَى الْحَاكِمِ خِلَافٌ، فَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَكَالتَّصَرُّفِ بِاللُّقَطَةِ الَّتِي لَا تُمْلَكُ وَكَالتَّصْدِيقِ بِالْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ رَبُّهَا أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ.

وَقَدْ سَبَقَ فِي الْقَوَاعِدِ اسْتِقْصَاءُ هَذَا النَّوْعِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَقَعَ لَهُ أَجْرُهُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْمُتَصَرِّفُ وَكَانَ أَجْرُهُ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَمَّا الْإِبْضَاعُ فَتَزْوِيجُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتُبَاحُ لِلْأَزْوَاجِ وَفِي تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ رِوَايَتَانِ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَأْخَذِهِمَا فَقِيلَ ; لِأَنَّ أَمَارَاتِ مَوْتِهِ طَاهِرَةٌ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ حُكْمًا وَقِيلَ بَلْ لِأَنَّ انْتِظَارَهُ يَعْظُمُ بِهِ الضَّرَرُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَيُبَاحُ لَهَا فَسْخُ نِكَاحِهِ كَمَا لَوْ ضَارَّهَا بِالْغَيْبَةِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْقُدُومِ مَعَ الْمُرَاسَلَةِ وَعَلَى هَذَيْنِ الْمَأْخَذَيْنِ يَنْبَنِي أَنَّ الْفُرْقَةَ هَلْ تَبْطُلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ وَتَبْنِي الِاخْتِلَافُ فِي طَلَاقِ الْمُوَلَّى لَهَا وَلَهُ، مَأْخَذٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ هُنَا إلَى التَّصَرُّفِ فِي حَقِّهِ مِنْ بُضْعِ الزَّوْجَةِ بِالْفَسْخِ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْفَسْخُ وَيُزَوِّجُهَا بِغَيْرِهِ ابْتِدَاءً لِلْحَاجَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ ظَهَرَ فَإِنْ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا قَدِمَ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى هَذَا التَّصَرُّفِ ابْتِدَاءً بَلْ إلَى صِحَّتِهِ وَتَنْفِيذِهِ بِأَنْ تَطُولَ مُدَّةُ التَّصَرُّفِ وَتَكْثُرَ وَيَتَعَدَّدَ اسْتِرْدَادُ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ فَالْأَصْحَابُ فِيهِ طَرِيقَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي ذِكْرُهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُنْفِذُهَا هُنَا بِدُونِ إجَازَةٍ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمَالِكِ بِتَفْوِيتِ الرِّبْحِ وَضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِتَحْرِيمِ مَا قَبَضُوهُ بِهَذِهِ الْعُقُودِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ لَا تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا فَهَذَا الْقِسْمُ فِي بُطْلَانِ التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ أَصْلِهِ وَوُقُوفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَتَنْفِيذِهِ

<<  <   >  >>