للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّجَرِ (الْيَدُ التَّاسِعَةُ) الْقَابِضَةُ تَمَلُّكًا لَا بِعِوَضٍ إمَّا لِلْعَيْنِ بِمَنَافِعِهَا بِالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ أَوْ لِلْمَنْفَعَةِ كَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَتْهُ بِكُلِّ حَالٍ ; لِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ ضَامِنَةٍ لِشَيْءٍ فَهِيَ مَغْرُورَةٌ إلَّا مَا حَصَلَ لَهَا بِهِ نَفْعٌ فَفِي رُجُوعِهَا بِضَمَانِهِ الرِّوَايَتَانِ. وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ ابْتِدَاءً مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ ضَمَانُهَا عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا تَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَتْهُ بِحَالٍ وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا كَمَا سَبَقَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَحِلِّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الرُّجُوعِ بِمَا انْتَفَعَتْ بِهِ عَلَى طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّ مَحِلَّهُمَا إذَا لَمْ يَقُلْ الْغَاصِبُ: هَذَا مِلْكِي أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِاعْتِرَافِهِ بِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَنَفْيِهِ عَنْ الْقَابِضِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُغْنِي.

وَالثَّانِيَةُ: إنْ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْقَابِضَ ابْتِدَاءً فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْغَاصِبِ الرِّوَايَتَانِ مُطْلَقًا وَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ ابْتِدَاءً فَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِيَّةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْقَابِضِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ يَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ لَهُ بِالتَّغْرِيمِ فَلَا يَرْجِعُ بِظُلْمِهِ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي.

وَالثَّالِثُ: فِي الْخِلَافِ مِنْ الْكُلِّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ.

(الْيَدُ الْعَاشِرَةُ) الْمُتْلِفَةُ لِلْمَالِ نِيَابَةً عَنْ الْغَاصِبِ كَالذَّبْحِ لِلْحَيَوَانِ وَالطَّابِخِ لَهُ فَلَا قَرَارَ عَلَيْهَا بِحَالٍ وَإِنَّمَا الْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ لِوُقُوعِ الْفِعْلِ لَهُ فَهُوَ كَالْمُبَاشِرِ كَذَا قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَصْحَابُ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بِالْقَرَارِ عَلَيْهَا فِيمَا تَلِفَتْهُ كَالْمُودِعِ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَأَوْلَى لِمُبَاشَرَتِهَا لِلْإِتْلَافِ، وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا بِحَالٍ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ فِيمَنْ حَفَرَ لِرَجُلٍ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، فَقَالَ الْحَافِرُ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ. فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مَعَ اشْتَرَاكِ الْحَافِرِ وَالْآمِرِ فِي التَّسَبُّبِ وَانْفِرَادِ الْحَافِرِ بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحَالِ وَهَهُنَا أَوْلَى ; لِاشْتِرَاكِهَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ وَلَوْ أَتْلَفَتْهُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا عَالِمَةً بِتَحْرِيمِهِ كَالْقَاتِلَةِ لِلْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُحْرِقَةِ لِلْمَالِ بِإِذْنِ الْغَاصِبِ فَفِي التَّلْخِيصِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهَا الضَّمَانُ ; لِأَنَّهَا عَالِمَةٌ بِتَحْرِيمَةِ فَهِيَ كَالْعَالِمَةِ بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَرَجَّحَ الْحَارِثِيُّ دُخُولَهَا فِي قِسْمِ الْمَغْرُورِ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ عَالِمَةٍ بِالضَّمَانِ فَتَغْرِيرُ الْغَاصِبِ لَهَا حَاصِلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ قَبْضُ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ يَدِ قَابِضِهِ بِحَقٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ]

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ) : قَبْضُ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ يَدِ قَابِضِهِ بِحَقٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ إنْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ إقْبَاضُهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الثَّانِي إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمِينًا وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ يَكُ إقْبَاضُهُ جَائِزًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ أَلَّا يَضْمَنَ

<<  <   >  >>