للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ يُحْسَبْ النَّقْصُ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ التَّرِكَةُ مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّقْصِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ سِوَى الْقَدْرِ الْمُوصَى بِهِ صَارَ هُوَ التَّرِكَةَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ سِوَى ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْوَصِيَّةَ بِالْمَوْتِ بِمُجَرَّدِهِ أَوْ مُرَاعًى بِالْقَبُولِ فَلَا تُزَاحِمُهُ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ مِلْكَهُ سَبَقَ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِمُزَاحَمَتِهِ بِالنَّقْصِ فَيَخْتَصُّ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ إلَّا بَعْدَ قَبُولِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ خَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ تَمَكَّنَ مِنْ أَخَذَ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مَعَ حُضُورِ التَّرِكَةِ وَالتَّمَكُّنِ [مِنْ] قَبْضِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِمْ إلَّا بِالْقَبْضِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْعَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَتَوَقَّفَ قَبْضُ الْبَاقِي عَلَى قَبْضِ الْوَرَثَةِ فَكُلَّمَا قَبَضُوا شَيْئًا أَخَذَ مِنْ الْمُوصَى بِهِ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دَيْنًا أَوْ غَائِبًا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَحْصُلُ بِسَبَبِ الْآدَمِيِّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَإِنْ كَانَ حِيَازَةَ مُبَاحٍ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاحْتِطَابِ وَالِاغْتِنَامِ وَنَحْوِهَا فَلَا إشْكَالَ وَلَا ضَمَانَ هُنَا عَلَى أَحَدٍ سِوَاهُ، وَلَوْ وُكِّلَ فِي ذَلِكَ أَوْ شَارَكَ فِيهِ دَخَلَ فِي حُكْمِ الشَّرِكَةِ وَالْوِكَالَةِ وَكَذَلِكَ اللُّقَطَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ تَعَيَّنَ مَالُهُ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَتَعَيَّنُ بِالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ فَالْمُعْتَبَرُ حُكْمُ ذَلِكَ الْإِذْنِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ فِي التَّصَرُّفِ فِي المملوكات قَبْلَ قَبْضِهَا]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالْخَمْسُونَ) فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَمْلُوكَاتِ قَبْلَ قَبْضِهَا: وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى عُقُودٍ وَغَيْرِهَا فَالْعُقُودُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: عُقُودُ الْمُعَاوَضَاتِ وَتَنْقَسِمُ إلَى بَيْعٍ وَغَيْرِهِ، فَأَمَّا الْمَبِيعُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ مُتَلَازِمَانِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي جَارٌ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ.

وَجَعَلُوا الْعِلَّةَ الْمَانِعَةَ مِنْ التَّصَرُّفِ تَوَالِي الضَّمَانَاتِ.

وَفِي الْمَذْهَبِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ تَلَازُمٌ بَيْنَ التَّصَرُّفِ وَالضَّمَانِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ جَدِّهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْبَائِعِ وَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي صُبْرَةِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَاةِ جُزَافًا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ مَعَ أَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ حَكَوْا الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ مَعَ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي

<<  <   >  >>