وَالْمُبْهِجِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ.
وَالثَّانِيَة: أَنَّهُ فِي الْمُبْهَمِ لَا يُمْلَكُ بِدُونِ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ فِيهِ بِالْعَقْدِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا فِي الْمُعَيَّنِ رِوَايَتَيْنِ كَالْهِبَةِ، وَأَمَّا السَّهْمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَيُمْلَكُ بِدُونِ الْقَبْضِ إذَا عَيَّنَّهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَلَا تُمْلَكُ بِدُونِ الْقَبْضِ إنْ قِيلَ إنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِيهَا رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَهِبَةِ الْأَعْيَانِ وَتَلْزَمُ إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً وَإِنْ قِيلَ هِيَ إبَاحَةٌ فَلَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ فِيهَا بِحَالٍ بَلْ يُسْتَوْفَى عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَطَعَامِ الضَّيْفِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: التَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ: إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ فَلَا عَقْدَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ بَطَلَ الْعَقْدُ فَكَمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُخَاطَبُ بَطَلَ الْإِيجَابُ فَهَذَا بُطْلَانُ مَا لَمْ يَتِمَّ لَا بُطْلَانُ مَا تَمَّ انْتَهَى. وَلَا يُسْتَبْعَدُ تَوَقُّفُ انْعِقَادِ الْعَقْدِ عَلَى أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا يَتَوَقَّفُ انْعِقَادُ النِّكَاحِ مَعَهُمَا عَلَى الشَّهَادَةِ.
وَفِي الْهِبَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ حُكِيَ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا يَقَعُ مُرَاعًى فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ بِقَبُولِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ، وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْفِطْرَةِ وَقَدْ يَطَّرِدُ قَوْلُهُ بِالْوَقْفِ وَالْمُرَاعَاةِ إلَى بَقِيَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ.
وَأَمَّا الْبَيْعُ الَّذِي يُعْتَبَرُ لَهُ الْقَبْضُ فَفِي كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِدُونِ الْقَبْضِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا فَلَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا كَيْلًا وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ: لِأَنَّ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مشيش أَلَيْسَ قَدْ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ هُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ يَعْنِي إذَا تَلِفَ، قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ أَمَّا مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَلَا بُدَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يُوَفِّيَهُ الْمُبْتَاعَ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ فِيهِ قَائِمٌ حَتَّى يُوفِيَهُ الْمُشْتَرِي وَمَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَهُوَ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي فَمَا لَزِمَهُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي طَعَامٍ اُشْتُرِيَ بِالصِّفَةِ وَلَا يُحَوِّلُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ مَالِكٌ بَعْدُ مَا لَمْ يَكِلْهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا صَرِيحٌ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ، فَيَكُونُ إذَا عَنْ أَحْمَدَ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي بَيْعِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِدُونِ الْقَبْضِ رِوَايَتَانِ.
[الْقَاعِدَةُ الْخَمْسُونَ هَلْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ فِي الْعُقُودِ القهرية عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ]
(الْقَاعِدَةُ الْخَمْسُونَ) : هَلْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ فِي الْعُقُودِ الْقَهْرِيَّةِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ أَوْ يَقَعُ بِدُونِهِ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ هَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: التَّمَلُّكُ الِاضْطِرَارِيُّ كَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ وَمَنَعَهُ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَضْمُونًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ يَدْفَعُهُ فِي الْحَالِ أَوْ لَا لِأَنَّ ضَرَرَهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute