اسْتَقْصَى أَحَدُهُمَا الصِّفَاتِ وَاقْتَصَرَ الْآخَرُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُجْزِئُ الدَّفْعَ فَوَجْهَانِ يُخَرَّجَانِ مِنْ التَّرْجِيحِ بِالْفِسَاخِ وَالنِّتَاجِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ.
(وَمِنْهَا) الْأَمْوَالُ الْمَغْصُوبَةُ وَالْمَنْهُوبَةُ وَالْمَسْرُوقَةُ كَالْمَوْجُودَةِ مَعَ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِمْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالصِّفَةِ.
(وَمِنْهَا) تَدَاعِي الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ دَفْنًا فِي الدَّارِ فَهُوَ لِوَاصِفِهِ مِنْهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ
(وَمِنْهَا) اللَّقِيطُ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ أَيُّهُمَا الْتَقَطَهُ وَلَيْسَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَمَنْ وَصَفَهُ مِنْهُمَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَجَدَ مَالَهُ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَصْفِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَهُ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَسُئِلَ أَتَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً؟ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ بَيَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْأَمِيرُ انْتَهَى، وَقَدْ قَضَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهَا بِالْعَلَامَةِ الْمَحْضَةِ.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ مَا تَدْعُوَا الْحَاجَةُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا ضَرَرَ فِي بَذْلِهِ]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ) : مَا تَدْعُوَا الْحَاجَةُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَلَا ضَرَرَ فِي بَذْلِهِ لِتَيْسِيرِهِ وَكَثْرَةِ وُجُودِهِ أَوْ الْمَنَافِعِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا يَجِبُ بَذْلُهُ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي الْأَظْهَرِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ مَسَائِلُ: (مِنْهَا) الْهِرُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنْهُ. وَمَأْخَذُ الْمَنْعِ مَا ذَكَرْنَا.
(وَمِنْهَا) الْمَاءُ الْجَارِي وَالْكَلَأُ يَجِبُ بَذْلُ الْفَاضِلِ مِنْهُ لِلْمُحْتَاجِ إلَى الشُّرْبِ وَاسِقَاءِ بَهَائِمِهِ وَكَذَلِكَ زُرُوعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُهُ مَنْ هُوَ فِي أَرْضِهِ أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَأْخَذَ الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ مَا ذَكَرْنَا لَا أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ بِمِلْكِ الْأَرْضِ فَإِنَّ النُّصُوصَ مُتَكَاثِرَةٌ عَنْ أَحْمَدَ الْجَوْزَقَةِ الْمُبَاحَاتِ النَّابِتَةِ فِي الْأَرْضِ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي اللَّقَّاطِ لَا أَرَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ مَعَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ بِلَا إشْكَالٍ وَلَا يُقَالُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمَصِيرِهِ مَنْبُوذًا مَرْغُوبًا عَنْهُ ; لِأَنَّ الْمَنْعَ وَالْبَيْعَ يُنَافِي ذَلِكَ.
(وَمِنْهَا) وَضْعُ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ إذَا لَمْ يَضُرَّ وَكَذَلِكَ إجْرَاءُ الْمَالِ عَلَى أَرْضِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
(وَمِنْهَا) إعَارَةُ الْحُلِيِّ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبُهُ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ بَذْلِ الْمَاعُونِ وَهُوَ مَا خَفَّ قَدْرُهُ وَسَهُلَ كَالدَّلْوِ وَالْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالْمُنْخُلِ وَإِعَارَةِ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَارِثِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
(وَمِنْهَا) الْمُصْحَفُ تَجِبُ عَلَيْهِ إعَارَتُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ مُصْحَفًا غَيْرَهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كَلَامٍ مُفْرَدٍ لَهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَّلُوا قَوْلَهُمْ لَا يُقْطَعُ