إلَى الزَّوْجِ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ بَاقٍ بِعَيْنِهِ لَا سِيَّمَا وَالْأَمْلَاكُ الْقَهْرِيَّةُ يُمْلَكُ بِهَا مَا لَا يُمْلَكُ بِالْعُقُودِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَكْمِيلُ الْمِلْكِ لَهُ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ.
وَيُشْبِهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْخِرَقِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ أَرْضًا فَنَبَتَ فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكُ عَلَيْهَا الْبِنَاءَ الَّذِي فِيهِ بِالْقِيمَةِ لَكِنَّ أَحْمَدَ فِي تَمَامِ هَذَا النَّصِّ بِعَيْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ وَصَبْغَ الثَّوْبِ وَقَالَ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْأَةُ وَصَلَتْ الصَّدَاقَ بِمَالِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ إلَّا بِضَرَرٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ فَفِي الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ وَفِي الثَّانِي يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ لِبَقَائِهَا بِحَالِهَا وَإِنَّمَا جَاءَ الْإِجْبَارُ عَلَى تَكْمِيلِ الْمِلْكِ [لِلْمَانِعِ] الشَّرْعِيّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي فِي مَعْنَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ طَرِيقٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ [أَحْمَدُ] أَنْ لِلزَّوْجَةِ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَلَهَا قِيمَةُ وَلَدِهَا كَامِلَةً لِأَنَّ الْوَلَدَ نَمَاءٌ تَخْتَصُّ بِهِ الزَّوْجَةُ وَقَدْ عَادَ إلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْأُمِّ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ بِكَمَالِهَا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَظْهَرُ مِمَّا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الَّذِي اسْتَوْلَى [عَلَيْهِ] الْكُفَّارُ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ نَمَا نَمَاءً مُنْفَصِلًا، فَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَهُوَ لَهُ بِنَمَائِهِ وَإِنْ قُلْنَا مَلَكُوهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ؟ يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ كَبَائِعِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْغَانِمِينَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّمَاءِ كَتَعَلُّقِ حُقُوقِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ بِأَحْوَالِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْحَرْبِيُّ وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَنَّ الْوَلَدَ غَنِيمَةٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْمَالِكُ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ الْوَاطِئ فَانْعَقَدَ حُرًّا لَكِنَّ هَذَا قَدْ يَخْتَصُّ بِاسْتِيلَادِ الْمَالِكِ لَهَا فَإِنَّ وَلَدَهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَإِنَّمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ الرِّقُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مِنْ نَمَائِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ نَمَائِهَا لِانْعِقَادِهِ رَقِيقًا.
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الْمُسْلِم إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَتَوَقَّفَ فِي مُسْتَحِقِّ الْمَالِ الَّذِي مَعَهُ، وَقَالَ مَرَّةً هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ غَنِيمَةٌ.
قَالَ الْخَلَّالُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا غَنِيمَةَ لَهُ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْوَاحِدُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ يَكُونُ فَيْئًا قَالَ: وَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ لِآخِذِهِ فَهُوَ هُنَا لِلسَّيِّدِ.
[فَصْلٌ الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخٍ]
فَصْلٌ وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخٍ
فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا قَهْرِيًّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ التَّمَلُّكَاتِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا فَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لَازِمًا لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ بِوَجْهٍ كَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ وَسَرَى حُكْمُهُ إلَى الْأَوْلَادِ دُونَ الْأَكْسَابِ لِبَقَاءِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ بَلْ يُمْكِنُ إبْطَالُهُ إمَّا بِاخْتِيَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute