للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَنَكَلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ ادَّعَى جِرَاحَةً عَمْدًا عَلَى شَخْصٍ وَأَتَى بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ دِيَتُهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ فِيهَا عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَجِبَ بِالْقَتْلِ الدِّيَةُ عَيْنًا وَأَمَّا إنْ قُلْنَا أَنَّ مُوجِبَ الْقَتْلِ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَالدِّيَةُ بَدَلٌ فَلَا يَجِبُ بِمَا لَا يَجِبُ بِهِ الْمَبْدُولُ.

(وَمِنْهَا) شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِقَتْلِ عَبْدٍ عَبْدًا عَمْدًا فَهَلْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ غُرْمُ قِيمَةَ الْعَبْدِ دُونَ الْقَوَدِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ أَنَّ رِوَايَةَ وُجُوبِ الْقِيمَةِ رَوَاهَا ابْنُ مَنْصُورٍ. وَتَأَمَّلْتُ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ فَإِذَا ظَاهِرُهَا أَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ حُرًّا فَلَا يَكُونُ جِنَايَتُهُ مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ، فَلَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ وَهُوَ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ عَيْنًا وَقَامَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ يَثْبُتُ بِهَا الْمَالُ دُونَ أَصْلِ الْجِنَايَةِ فَهَلْ يَجِبُ بِهَا الْمَالُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ الْمَالَ دُونَ الْقَوَدِ وَأَتَى عَلَيْهَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ ادَّعَى قَتْلَ كَافِرٍ فِي الصَّفِّ وَأَتَى بِشَاهِدٍ وَحَلَفَ مَعَهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ سَلْبَهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا اجْتَمَعَ لِلْمُضْطَرِّ مُحَرَّمَانِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا اجْتَمَعَ لِلْمُضْطَرِّ مُحَرَّمَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُبَاحُ بِدُونِ الضَّرُورَةِ وَجَبَ تَقْدِيمُ أَخَفِّهِمَا مَفْسَدَةً وَأَقَلِّهِمَا ضَرَرًا ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا فَلَا يُبَاحُ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:

(مِنْهَا) إذَا وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَمَيْتَةً فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ; لِأَنَّ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ ثَلَاثُ جِنَايَاتٍ صَيْدُهُ وَذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ فِيهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وُجِدَ لَحْمُ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةٌ فَإِنَّهُ يَأْكُلُ لَحْمَ الصَّيْدِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَمَيَّزُ الصَّيْدُ بِالِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَإِنَّ أَكْلَ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ عَلَى الْإِحْرَامِ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ بِهَا الْجَزَاءُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِالْأَكْلِ مِنْ الْمَيْتَةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَبَا الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ اخْتَارَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ وَجَدَ بَيْضَ صَيْدٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَا يَكْسِرُهُ وَيَأْكُلُهُ ; لِأَنَّ كَسْرَهُ جِنَايَةٌ كَذَبْحِ الصَّيْدِ.

(وَمِنْهَا) نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَالِاسْتِمْنَاءِ كِلَاهُمَا إنَّمَا يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَيُقَدَّمُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّهُ مُبَاحٌ بِنَصٍّ وَالْآخَرُ مُتَرَدَّدٌ فِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ الِاسْتِمْنَاءُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَمَّا نِكَاحُ الْإِمَاءِ وَوَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنَّمَا يُبَاحُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ لِنِكَاحِ غَيْرِهَا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ نِكَاحَ الْإِمَاءِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّصِّ عَلَى إبَاحَةِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ دُونَ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى وَطْءِ الْحَائِضِ لِكَوْنِهِ دَمُ أَذًى

(وَمِنْهَا) مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ لِشَبَقِهِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِمْنَاءُ

<<  <   >  >>