للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا إذَا خَفِيَ الِاطِّلَاعُ عَلَى خَلَلِ الشَّرْطِ ثُمَّ تَبَيَّنَ، فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْأَصَحِّ.

(فَمِنْ ذَلِكَ) إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ إلَى مَنْ يَظُنُّهُ فَقِيرًا فَبَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

(وَمِنْهَا) إذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالِاجْتِهَادِ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَمِنْهَا) إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فِسْقُهُمَا فَفِي النَّقْضِ رِوَايَتَانِ، رَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ عَدَمَهُ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الصَّيْدِ مِنْ خِلَافِهِ، وَالْآمِدِيُّ لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ وَالْمَشْهُورُ النَّقْضُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اصْطَادَ بِكَلْبٍ عَلَّمَهُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَا تُحَرَّمُ صُيُودِهِ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، لَكِنَّ مَأْخَذَهُ أَنَّا لَمْ نَتَبَيَّنَ فَسَادَ تَعْلِيمِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نَسِيَهُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ أَوْ نَسِيَ إرْسَالَهُ، فَأَمَّا الْإِعَادَةُ عَلَى مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَتَيَمَّمَ ثُمَّ صَلَّى أَوْ عَلَى مَنْ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَلَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا يَمْنَعُ الْعُبُورَ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ فَرَّطَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ وَالتَّحْقِيقِ.

[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَة مَنْ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ ثُمَّ وَجَدَ قَبْلَ فراغها مَا لَوْ كَانَ وَاجِدًا لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَكَانَ هُوَ الْوَاجِبَ]

(الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ) : مَنْ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ ثُمَّ وَجَدَ قَبْلَ فَرَاغِهَا مَا لَوْ كَانَ وَاجِدًا لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَكَانَ هُوَ الْوَاجِبَ دُونَ مَا تَلَبَّسَ بِهِ، هَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَمْ يَمْضِي وَيُجْزِئُهُ.

هَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ رُخْصَةٌ عَامَّةٌ شُرِعَتْ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ إتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالتَّكَلُّفِ، فَهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ مِنْهُ بِوُجُودِ الْأَصْلِ كَالْمُتَمَتِّعِ إذَا عَدِمَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ رَخَّصَ لَهُ فِي الصِّيَامِ رُخْصَةً عَامَّةً، حَتَّى لَوْ قَدَرَ عَلَى الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فِي بَلَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ إنَّمَا شُرِعَ ضَرُورَةً لِلْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ وَتَعَذُّرِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْأَصْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ التَّلَبُّسِ بِالْبَدَلِ كَالْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَإِنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ بِحَالٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالْحَيْضِ، وَلِهَذَا تُؤْمَرُ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ مَعْلُومٍ أَنْ تَنْتَظِرَ زَوَالَهُ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ لِأَنَّ حَيْضَهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَظْنُونٍ عَوْدُهُ.

وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُعْتَدَّةُ مُكَلَّفَةً قَبْلَ هَذَا بِالِاعْتِدَادِ بِالْحَيْضِ كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ فَاعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُكَلَّفَةً بِهِ كَالصَّغِيرَةِ إذَا حَاضَتْ فِي أَثْنَاء الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ.

<<  <   >  >>