وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا اسْتَثْنَاهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَهَلْ الْكِتَابَةُ إلَّا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْمَنَافِعِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْمَنَافِعُ الَّتِي مُلِكَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْأَعْيَانِ أَوْ كَانَتْ أَعْيَانُهَا غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْمُعَاوَضَةِ فَهَذَا مَحِلُّ الْخِلَافِ الَّذِي نَتَكَلَّمُ فِيهِ هَهُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ الِانْتِفَاعِ وَإِحْدَاثِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الطُّرُقِ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ) : فِي الِانْتِفَاعِ وَإِحْدَاثِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَهَوَائِهَا وَقَرَارِهَا. أَمَّا الطَّرِيقُ نَفْسُهُ فَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ مَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ فَلَا يَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا مَعَ السَّعَةِ وَانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فَإِنْ كَانَ الْمُحْدِثُ فِيهِ مُتَأَبِّدًا كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَإِنْ كَانَ لِمَنْفَعَةٍ خَاصَّةٍ بِآحَادِ النَّاسِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ لِمَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ فَفِيهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ ; مِنْهُمْ مَنْ يُطْلِقُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّهُ بِحَالَةِ انْتِفَاءِ إذْنِ الْإِمَامِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَأَبِّدٍ وَنَفْعُهُ خَاصٌّ كَالْجُلُوسِ وَإِيقَافِ الدَّابَّةِ فِيهِ فَفِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا. وَأَمَّا الْقَرَارُ الْبَاطِنُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَإِنْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ خَاصًّا بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْمَعْرُوفُ مَنْعُهُ بِإِذْنِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ.
(مِنْهَا) إذَا حَفَرَ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ بِئْرًا فَإِنْ كَانَ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ فَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِدُونِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.
وَالثَّانِي: فِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي إذْ الْبِئْرُ مَظِنَّةُ الْعَطَبِ، وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ كَانَ فِي فِنَائِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْإِمَامِ فِيهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْقَاضِي أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي فِنَائِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ حَفْرٍ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ وَإِمَّا فِي فِنَاءِ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَضَرَّ بِأَهْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ جَازَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُمْ أَوْ إذْنُ الْإِمَامِ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى وَجْهَيْنِ.
(وَمِنْهَا) إذَا بَنَى مَسْجِدًا فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ جَازَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ أَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ مِنْ الطَّرِيقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَلَامُ أَحْمَدَ أَكْثَرُهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيّ الْمَسَاجِدُ الَّتِي فِي الطَّرَقَاتِ حُكْمُهَا أَنْ تُهْدَمَ. وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ غِنًى وَبِهِمْ إلَى أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَسْجِدُ حَاجَةٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُبْنَى هُنَاكَ مَسْجِدٌ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ. قَالَ: وَسَأَلْت أَحْمَدَ هَلْ يُبْنَى عَلَى خَنْدَقِ مَدِينَةِ الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ.
قَالَ الْجُوزَجَانِيُّ فِي الْمُتَرْجَمِ: وَاَلَّذِي عَنَى أَحْمَدَ مِنْ الضَّرَرِ بِالطَّرِيقِ مَا وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّبْعِ الْأَذْرُعِ كَذَا قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute