للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالثَّانِي: مَا عَدَّدَهُ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ الْمَشْرُوعَةِ لِإِزَالَةِ ضَرَرٍ مَا كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالزَّرْعِ وَمِنْ الْغَاصِبِ وَتَقْوِيمِ الشِّقْصِ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا قِيلَ إنَّهُ تَمَلُّكٌ يَقِفُ عَلَى التَّقْوِيمِ، وَكَالْفُسُوخِ الَّتِي يَسْتَقِلُّ بِهَا الْبَائِعُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنَّ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ بِدُونِ دَفْعِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْمَالَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ.

وَالثَّانِي: تَمْلِكُ بِدُونِهِ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي فَسْخِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ بِدُونِ رَدِّ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ يَقُولُونَ إذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فَمَتَى قَالَ اخْتَرْتُ دَارِي أَوْ أَرْضِي فَالْخِيَارُ لَهُ وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ. قَالَ: [كَيْفَ] لَهُ الْخِيَارُ وَلَمْ يُعْطِهِ مَالَهُ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إنْ أَعْطَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مَالَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُتَخَرَّجُ مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ التَّسْلِيطَ عَلَى انْتِزَاعِ الْأَمْوَالِ قَهْرًا إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ دَفَعَ الْعِوَضَ وَإِلَّا حَصَلَ بِهِ ضَرُورَةُ فَسَادٍ وَأَصْلُ الِانْتِزَاعِ الْقَهْرِيِّ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ أَبِي طَالِبٍ وَبَقِيَّةِ الْمَسَائِل بِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ فَسَخَ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ الثَّمَنِ اجْتَمَعَ لَهُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَلَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ إذْ أَكْثَرُ مَا فِيهَا التَّمَلُّكُ وَيُعَوَّضُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ كَالْقَرْضِ وَغَيْرِهِ.

[تَنْبِيه الْأَمْلَاكُ القهرية تُخَالِفُ الِاخْتِيَارِيَّةَ]

َ مِنْ جِهَةِ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَأَحْكَامِهَا وَتَمَلُّكِ مَا لَا يُتَمَلَّكُ بِهَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَحْصُلُ التَّمَلُّكُ الْقَهْرِيُّ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ الْأَجْنَبِيِّ، بِخِلَافِ الِاخْتِيَارِيِّ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَالتَّمَلُّكُ الْقَهْرِيُّ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ مَنْفَعَتُهُ كَالْبَيْعِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ كَالْمِيرَاثِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: فِيهِ تَرَدُّدٌ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدْ ذَكَرْنَا اشْتِرَاطَ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلتَّمَلُّكِ الْقَهْرِيِّ، وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الشَّخْصِ الْمَشْفُوعِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِدُونِهِ وَيُنَفَّذُ تَصَرُّفُ الشَّفِيعِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَيُخَرَّجُ التَّرَدُّدُ فِي الْجَمِيعِ نَظَرًا إلَى الْجِهَتَيْنِ.

وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَيَمْلِكُ الْكَافِرُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِالْإِرْثِ وَيَرُدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَبِاسْتِيلَادِ الْمُسْلِمِ أَمَتَهُ وَبِالْقَهْرِ، وَكَذَلِكَ تُمْلَكُ الْمَصَاحِفُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَهَلْ يَمْلِكُ أُمَّ وَلَدِ الْمُسْلِمِ بِالْقَهْرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَتُمْلَكُ بِالْمِيرَاثِ الْخَمْرُ وَالْكَلْبُ وَكَذَا الصَّيْدُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَتَمَلَّكُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالِاخْتِيَارِ.

<<  <   >  >>