وَكَذَلِكَ مَا يَكُونُ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِنْسَانِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: كَذَلِكَ رزمة الثِّيَابِ تَشَاجَرُ الْحَطَبِ يُحْكَمُ بِهَا لِلْوَاقِفِ بِقُرْبِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ شَاهِدٌ وَضَعَهَا عَنْهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَكَأَنَّهُ عَلَى رَأْسِهِ انْتَهَى.
وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَنْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ حَمْلُهَا دُونَ مَنْ لَا يَحْمِلُهَا مِثْلُهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا صَلُحَ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا صَلُحَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانٍ لَهُمَا أَوْ نَازَعَ رَبُّ الدَّارِ خَيَّاطًا فِيهَا فِي إبْرَةٍ أَوْ مِقَصٍّ، أَوْ تَنَازَعَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اللَّوْثُ فِي الْقَسَامَةِ وَالْقَضَاءِ بِمَعَاقِدِ الْقِمْطِ وَهُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى
وَإِلْحَاقُ النَّسَبِ بِالْقَافَّةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ ادَّعَى دَعْوَى يَشْهَدُ الظَّاهِرُ بِكَذِبِهَا مِثْلُ أَنْ ادَّعَى عَلَى الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا فِيهِ ثِقَلٌ وَحَمَلَهَا بِيَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَفِي سَمَاعِهَا قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لَهَا أَصْلًا رِوَايَتَانِ لِاحْتِمَالِ مُعَامَلَتِهِ بِوَكِيلِهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمُحَرَّمَاتُ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : الْمُحَرَّمَاتُ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ، وَفُرُوعُ أَصْلِهِ الْأَدْنَى وَإِنْ سَفَلْنَ، وَفُرُوعُ أُصُولِهِ الْبَعِيدَةِ دُونَ بَنَاتِهِنَّ فَيَدْخُلُ فِي أُصُولِهِ: أُمُّهُ وَأُمُّ أُمِّهِ وَأُمُّ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَوْنَ، وَدَخَلَ فِي فُرُوعِهِ: بِنْتُهُ وَبِنْتُ بِنْتِهِ وَبِنْتُ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلْنَ، وَدَخَلَ فِي فَرْعِ أَصْلِهِ الْأَدْنَى: أَخَوَاتُهُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَنَاتُهُنَّ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلْنَ، وَدَخَلَ فِي فُرُوعِ أُصُولِهِ الْبَعِيدَةِ: الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَعَمَّاتُ الْأَبَوَيْنِ وَخَالَاتُهُمَا وَإِنْ عَلَوْنَ.
وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَقَارِبِ حَلَالًا سِوَى أُصُولِ فُرُوعِهِ الْبَعِيدَةِ وَهُنَّ بَنَاتُ الْعَمِّ وَبَنَاتُ الْعَمَّاتِ وَبَنَاتُ الْخَالِ وَبَنَاتُ الْخَالَاتِ.
[النَّوْعُ الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ بِالصِّهْرِ]
ِ، وَهُنَّ أَقَارِبُ الزَّوْجَيْنِ وَكُلُّهُنَّ حَلَالٌ إلَّا أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ حَلَائِلُ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَبَنَاتِ النِّسَاءِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ.
فَيَحْرُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أُصُولُ الْآخَرِ وَفُرُوعُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُمُّ امْرَأَتِهِ وَأُمُّ أَبِيهَا وَإِنْ عَلَتْ.
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُ امْرَأَتِهِ وَهِيَ الرَّبِيبَةُ وَبِنْتُ بِنْتِهَا وَإِنْ سَفَلَتْ، وَتَحْرُمُ بِنْتُ الرَّبِيبِ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا، وَامْرَأَةِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ.
[النَّوْعُ الثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالْجَمْعِ]
ِ، فَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ مَحْرَمٌ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْأُخْرَى لِأَجْلِ النَّسَبِ دُونَ الصِّهْرِ.
فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَإِنْ عَلَتْ وَلَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَلَا بَيْنَ الْبِنْتِ وَأُمِّهَا وَإِنْ عَلَتْ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: لَا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا لِأَجْلِ النَّسَبِ دُونَ الصِّهْرِ لِيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ زَوْجَةِ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ مُبَاحٌ إذْ لَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا لِيُخْشَى عَلَيْهِمَا الْقَطِيعَةَ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَحْرِيمٌ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَرْبٍ، وَتَوَقَّفَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي كَوْنِ تَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ مِنْ الرَّضَاعِ ظَاهِرًا فَدَلَّ أَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ لَا يُسَاوِي تَحْرِيمَ النَّسَبِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[النَّوْعُ الرَّابِعُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ]
ِ، فَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ