دُيُونِهِ وَهُوَ كَالنَّفَقَةِ فَيَقْضِي دُيُونَهُ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ زَوَالِ مِلْكِهِ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ فَلَا تُقْضَى مِنْهُ الدُّيُونُ الْمُتَجَدِّدَةُ فِي الرِّدَّةِ وَتُقْضَى مِنْهُ الدُّيُونُ الْمَاضِيَةُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَيْئًا مَا فَضَلَ عَنْ أَدَاءِ دُيُونِهِ وَنَفَقَاتِ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ لَا يَجُوزُ تَعْطِيلُهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَيَصِيرُ الْبَاقِي فَيْئًا.
(وَمِنْهَا) لَوْ دَبَّرَ عَبْدًا ثُمَّ ارْتَدَّ السَّيِّدُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ فَالتَّدْبِيرُ بِحَالِهِ وَإِنْ قُلْنَا زَالَ مِلْكُهُ انْبَنَى عَلَى أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ عَلَى الْمُدَبَّرِ هَلْ يُبْطِلُ تَدْبِيرَهُ أَمْ لَا وَجَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى بِبُطْلَانِ تَدْبِيرِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ عَشَرَ الْكُفَّارُ هَلْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَمْ لَا]
[السَّابِعَةُ عَشَرَ] الْكُفَّارُ هَلْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَمْ لَا. الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَحَكَى طَائِفَةٌ رِوَايَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَمُفْرَدَاتِهِ وَصَحَّحَ فِيهَا عَدَمَ الْمِلْكِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْمِلْكِ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَحْكَامٍ أَخَذَ مِنْهَا ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاكَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ: (مِنْهَا) أَنَّ مَنْ وَجَدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَيْنَ مَالِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بِالثَّمَنِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مَجَّانًا بِكُلِّ حَالٍ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي هَذَا: هُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَزُولُ إلَّا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَكِنَّ عُمَرَ قَالَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ
(وَمِنْهَا) إذَا قُلْنَا يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فَغُنِمَتْ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْلَمْ أَرْبَابُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا وَمَنْ قَالَ: لَا يَمْلِكُوهَا فَقِيَاسُ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهَا وَلَا التَّصَرُّفُ بَلْ تُوقَفُ كَاللُّقَطَةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَا عُرِفَ مَالِكُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَلْ يُرَدُّ إلَيْهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَقَيَّدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِيمَا إذَا كَانَ مَالِكُهُ بِالْقُرْبِ.
(وَمِنْهَا) إذَا أَسْلَمُوا وَفِي أَيْدِيهمْ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ لَهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ لَيْسَ بَيْنَ النَّاس اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا يَتَنَزَّلُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَمْلِكُونَهَا فَهِيَ لِرَبِّهَا وَمَتَى وَجَدَهَا وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَنَفَى صَاحِبُ الْمُغْنِي الْخِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ وَافَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الِانْتِصَارِ. وَلَعَلَّ مَأْخَذَهُ أَنَّ الشَّارِعَ مَلَّكَ الْكَافِرَ بِإِسْلَامِهِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ» فَهَذَا تَمْلِيكٌ جَدِيدٌ يَمْلِكُونَهَا بِهِ لَا بِالِاسْتِيلَاءِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قِيلَ إنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى كُلِّ مَا قَبَضَهُ الْكَافِرُ مِنْ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا قَبْضًا فَاسِدًا يَعْتَقِدُونَ جَوَازَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَالْأَنْكِحَةِ وَالْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ بِالْإِجْمَاعِ
(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَمَتَانِ أُخْتَانِ فَأَبِقَتْ إحْدَاهُمَا إلَى دَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute