الْحَرْبِ فَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا فَلَهُ وَطْءُ الْبَاقِيَةِ عِنْدَهُ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ عَنْ أُخْتِهَا، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْآبِقَةَ بِعِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ ابْتِدَاءً قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى
(وَمِنْهَا) لَوْ اسْتَوْلَى الْعَدُوُّ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ حَوْلٍ أَوْ أَحْوَالٍ فَإِنْ قُلْنَا: مَلَكُوهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لَمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّة بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَمْلِكُوهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ لَمَا مَضَى؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى زَكَاةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالضَّائِعِ مِنْ رَبِّهِ
(وَمِنْهَا) لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْكُفَّارُ فَإِنْ قُلْنَا: مَلَكُوهُ، لَمْ يُعْتَقْ وَإِلَّا عَتَقَ.
(وَمِنْهَا) لَوْ سَبَى الْكُفَّارُ أَمَةً مُزَوَّجَةً بِمُسْلِمٍ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُونَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ ; لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهَا وَمَنَافِعَهَا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْفَعَةُ بُضْعِهَا فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا كَمَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْكَافِرَةِ الْمَسْبِيَّة لِسَبْيِنَا لَهَا لِهَذَا الْمَعْنَى. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ انْفِسَاخَ الْكَافِرَةِ الْمَسْبِيَّةِ بِالْجَهْلِ بِبَقَاءِ زَوْجِهَا فَيَكُونُ كَالْمَعْدُومِ وَعَلَى هَذَا يَمْتَنِعُ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ هَاهُنَا وَأَبُو الْخَطَّابِ مَنَعَ مِنْ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِالسَّبْيِ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَمُخَالِفُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ كَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ سَوَاءٌ فَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْحُرَّةَ بِالسَّبْيِ فَلَا يَمْلِكُونَ بُضْعَهَا وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ هَانِئٍ عَنْ أَحْمَدَ إذَا سُبِيَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا زَوْجٌ ثُمَّ اُسْتُنْقِذَتْ تَعُودُ إلَى زَوْجِهَا إنْ شَاءَتْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِالسَّبْيِ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنَافِعَ الْحُرَّةِ فِي حُكْمِ الْأَمْوَالِ وَلِهَذَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عَلَى رَأْي فَجَازَ أَنْ تُمْلَكَ بِالِاسْتِيلَادِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا وَالِاسْتِيلَاءُ سَبَبٌ قَوِيٌّ يَمْلِكُ بِهِ مَا لَا يَمْلِكُ بِالْعُقُودِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَلِهَذَا يَمْلِكُونَ بِهِ الْمَصَاحِفَ وَالرَّقِيقَ الْمُسْلِمَ وَيَمْلِكُونَ بِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى رِوَايَةٍ فَجَازَ أَنْ يَمْلِكُوا بِهِ مَنْفَعَةَ بُضْعِ الْحُرَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إبَاحَةُ وَطْئِهَا لَهُمْ ; لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُبَاحُ لَهُمْ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ سَبَوْا أَجِيرًا مُسْتَأْجَرًا لِمُسْلِمٍ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَيْضًا. وَقَدْ تَأَوَّلَ الْآمِدِيُّ قَوْلَ أَحْمَدَ: تَرْجِعُ إلَيْهِ إنْ شَاءَتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَتْ تَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ وَطْءِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَإِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ فِي مَوْضِعٍ آخِر ; لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ بِحَقٍّ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ حَقٌّ عَلَيْهَا لَزِمَهَا فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ.
(وَمِنْهَا) لَوْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى مُدَبَّرٍ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَى سَيِّدِهِ فَهَلْ يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ؟ إنْ قُلْنَا: إنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ لَمْ يَبْطُلْ وَإِنْ قُلْنَا مَلَكُوهُ انْبَنَى عَلَى أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا زَالَ الْمِلْكُ فِيهِ فَهَلْ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى بِبُطْلَانِهِ هَاهُنَا فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَرْهُونُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ فِيهِ بِالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَالرَّهْنَ بَاقٍ.
(سُؤَالٌ) عِنْدَكُمْ الْكَافِرُ لَا يَمْلِكُ انْتِزَاعَ مِلْكِ الْمُسْلِمِ بِالشُّفْعَةِ قَهْرًا مَعَ أَنَّهَا مَعْلُومَةٌ فَكَيْفَ يَمْلِكُ عَلَيْهِ قَهْرًا بِغَيْرِ عِوَضٍ (الْجَوَابُ) عَنْهُ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ، عَلَى الْمَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ بَلْ بِالْحِيَازَةِ إلَى دَارِهِمْ فَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ لَهُمْ تَمَلُّكٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُخَرَّجَةِ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ فَالْمُسْتَوْلَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute