للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا يَدْفَعُ ضَرَرَ الْمَالِكِ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُسْتَعِيرِ إذَا امْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَطَلَبَ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ الْقَلْعَ وَضَمَانَ النَّقْصِ لَمْ يُجَبْ.

وَمِنْ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى حَيَوَانًا يُؤْكَلُ وَاسْتَثْنَى رَأْسَهُ أَوْ أَطْرَافَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الذَّبْحِ لَمْ يَجِبْ وَكَانَ لَهُ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى نَصَّ عَلَيْهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ مَلَكَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ مِلْكُهُ بِفَسْخٍ هَلْ يَمْلِكُ مَنْ عَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ وَيَمْلِكُ الصَّبْغَ بِالْقِيمَةِ أَمْ لَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي بَائِعِ الْمُفْلِسِ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ وَفِيهِ صِبْغٌ أَنَّ لَهُ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْبَيْعِ وَلَا بُدَّ فَيَكُونُ الْبَائِعُ أَوْلَى مِنْهُ لِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ بِعَيْبٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَمَلُّكَهُ قَهْرًا، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا آخَر أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ فِي الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالَ لَهُ تَمَلُّكُ الصَّبْغِ بِقِيمَتِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِإِجْبَارِ الْبَائِعِ عَلَى دَفْعِ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا الْغَاصِبُ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ فَهَلْ لِلْمَالِكِ تَمَلُّكُ الصَّبْغِ بِقِيمَتِهِ قَهْرًا أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَدَمَهُ وَصَحَّحَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَلْعَهُ وَيَمْلِكُهُ عَلَى وَجْهٍ مَضْمُونًا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْ الضَّرَرِ بِدُونِ تَمَلُّكِهِ فَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الشَّرِكَةُ كَضَرْبِ الْحَدِيدِ مَسَامِيرَ وَنَجْرِ الْخَشَبِ أَبْوَابًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْغَاصِبِ فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ وَيَتَمَلَّكُهُ عَلَيْهِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ لَكِنَّهُمَا جَعَلَا الْمَرْدُودَ نَفَقَةَ الْعَمَلِ دُونَ الْقِيمَةِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ تَمَلُّكِهِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ) : مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ تَمَلُّكِهِ وَتَخَلُّصِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ دَخَلَ النَّقْصُ عَلَيْهِ بِتَفْرِيطٍ بِاشْتِغَالِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ وَكَذَا إنْ وُجِدَ مِمَّنْ دَخَلَ النَّقْصُ عَلَيْهِ إذْنٌ فِي تَفْرِيغِ مِلْكِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى التَّفْرِيغِ وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ إذْنٌ فِي إشْغَالِ مِلْكِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى التَّفْرِيغِ فَوَجْهَانِ، وَيُفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا نَاقَةٌ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْبَابِ إلَّا بِهَدْمِهِ فَإِنَّهُ يَهْدِمُ وَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي النَّقْصَ.

وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ فَحَصَدَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ عُرُوقٌ أَوْ كَانَتْ لَا تَضُرُّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَقْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ عُرُوقُهُ بِالْأَرْضِ كَالْقُطْنِ وَالذُّرَةِ فَعَلَيْهِ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْحَفْرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي

<<  <   >  >>