فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَطَرَدَ الْقَاضِي ذَلِكَ حَتَّى فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ أَرْضًا بِفِنَائِهَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ; لِأَنَّ الْفِنَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ إذْ اسْتِطْرَاقُهُ عَامٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِطَرِيقِهَا، وَأَوْرَدَ ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالًا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْفِنَاءِ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ فَهُوَ كَمَسِيلِ الْمِيَاهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْمِلْكُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي الطُّرُقِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكُلِّ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَأَخَذَهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيُّ عَلَى مِلْكِ حَرِيمِ الْبِئْرِ
(وَمِنْهَا) مَرَافِقُ الْأَسْوَاقِ الْمُتَّسِعَةِ الَّتِي يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيهَا كَالدَّكَاكِينِ الْمُبَاحَةِ وَنَحْوِهَا فَالسَّابِقُ إلَيْهَا أَحَقُّ بِهَا، وَهَلْ لِيَخْطِبُوا حَقُّهُ بِانْتِهَاءِ النَّهَارِ أَوْ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَنْقُلَ قُمَاشَهُ عَنْهَا إلَى وَجْهَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ الْأَوَّلُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِانْتِفَاءِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الثَّانِي فَلَوْ أَطَالَ الْجُلُوسَ فَهَلْ يُصْرَفُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ ; لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْحَقِّ الْمُشْتَرَكِ.
(وَمِنْهَا) الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا لِعِبَادَةٍ أَوْ مُبَاحٍ فَيَكُونُ الْجَالِسُ أَحَقَّ بِمَجْلِسِهِ إلَى أَنْ يَقُومَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ قَاطِعًا لِلْجُلُوسِ أَمَّا إنْ قَامَ لِحَاجَةٍ عَارِضَةٍ وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصَّبِيُّ إذَا قَامَ فِي صَفٍّ فَاضِلٍ أَوْ فِي وَسَطِ الصَّفِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ فِعْلُ طَرَفَةَ بْنِ كَعْبٍ بِقَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ.
[النَّوْعُ الْخَامِسُ حَقُّ التَّعَلُّقِ لِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ]
وَالنَّوْعُ الْخَامِسُ حَقُّ التَّعَلُّقِ لِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَلَهُ صُوَرٌ:
(مِنْهَا) تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الرَّهْنِ مَحْبُوسٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَهُ.
(وَمِنْهَا) تَعَلُّقُ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِالْجَانِي وَمَعْنَاهُ أَنَّ حَقَّهُ انْحَصَرَ فِي مَالِيَّتِهِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ وَيَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِمَجْمُوعِ الرَّقَبَةِ لَا بِقَدْرِ الْأَرْشِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَيُبَاعُ جَمِيعُهُ فِي الْجِنَايَةِ وَيُوَفَّى مِنْهُ الْحَقُّ وَيُرَدُّ الْفَضْلُ عَلَى السَّيِّدِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْجَمِيعِ وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى وَكَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الْأَرْشِ هَلْ يُبَاعُ جَمِيعُهُ أَوْ بِمِقْدَارِ الْأَرْشِ فِيهِ وَجْهَانِ لَكِنَّ بَيْعَ جَمِيعِهِ يَنْدَفِعُ بِهِ عَنْ السَّيِّدِ ضَرَرُ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّشْقِيصِ.
(وَمِنْهَا) تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ هَلْ يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا بِالْإِرْثِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهَلْ هُوَ كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ أَوْ الرَّهْنِ؟ اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ وَصَرَّحَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ كَمُتَعَلِّقِ الرَّهْنِ وَيُفَسَّرُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا، أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا يَنْفَكُّ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ كُلُّهُ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا قَالَ وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةً انْقَسَمَ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ وَيَتَعَلَّقُ كُلُّ حِصَّةٍ مِنْ الدَّيْنِ بِنَظِيرِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا لَا يَنْفَكُّ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى يُوَفِّيَ جَمِيعَ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute