وَجَبَ بِالْوَطْءِ وَالْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ الِاسْتِحْلَالَ يَحْصُلَ بِمُحَاوِلَةِ الْحِلِّ وَتَحْصِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى اسْتِحْلَالِ مَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ مِثْلُهُ وَهُوَ الْخَلْوَةُ أَوْ الْمُبَاشَرَةُ وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ عِنْدَنَا لِلْمَهْرِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَحْمُولًا عِنْدَنَا إلَّا عَلَى [مِثْلِ] مَا ذَكَرْنَا لَا عَلَى حَقِيقَةِ الْوَطْءِ، فَأَمَّا عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ إذَا فَسَدَتْ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَهَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِيهَا أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي ضَمَانِ الْقَابِضِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَهَذِهِ الْعُقُودُ لَا ضَمَانَ فِيهَا عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهُ فِيهَا الْعِوَضُ بِعَمَلِهِ أَمَّا الْمُسَمَّى وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ كُلّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ مَلَكَ عَلَيْهِ عِوَضَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) : كُلُّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ مَلَكَ عَلَيْهِ عِوَضَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَالْإِجَارَةِ فَيَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ وَالْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَيَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ بِالْعَقْدِ وَتَمْلِكُ الْمَرْأَةُ بِهِ الصَّدَاقَ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ تُمَلِّكُ الْعَبْدَ مَنَافِعَهُ وَاكْتِسَابَهُ وَتُمَلِّكُ عَلَيْهِ النُّجُومَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ، وَكَذَلِكَ الْمُعَاوَضَاتُ الْقَهْرِيَّةُ كَأَخْذِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ الْغَيْرِ وَأَخْذِ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضَيْنِ فَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَا حَالَّيْنِ فَفِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إقْبَاضِ الْبَائِعِ أَوَّلًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ فَقُدِّمَ عَلَى الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ عَلَى الثَّمَنِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً فَوَجَبَ رَدُّهُ بِالْمُطَالَبَةِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، اخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ إقْبَاضِهِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ بِدُونِ الثَّمَنِ ضَرَرًا بِفَوَاتِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّاب فِي انْتِصَارِهِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الثَّمَنَ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَدَاءَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَلْ يَنْصَبُّ عِنْدَ التَّنَازُعِ مَنْ يَقْبِضُ مِنْهُمَا ثُمَّ يُقَبِّضُهُمَا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّقْدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْإِجَارَاتِ مِنْ خِلَافِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ الْبَائِعِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الشَّالَنْجِيِّ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَجِبُ دَفْعُ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَمَتَى تُسَلَّمُ الْعَيْنُ وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute