للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُجُوعٌ عَنْ الْأُولَى كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ فِي الْعَبْدِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِعَيْنٍ مَرَّةً لِرَجُلٍ وَمَرَّةً لِغَيْرِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ الْمَنْسُوبَةِ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِهِ وَوَصَّى لِآخَرَ بِقَدْرٍ مِنْهُ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَّابٍ فِي رَجُلٍ قَالَ ثُلُثَيْ هَذَا لِفُلَانٍ وَيُعْطَى فُلَانٌ مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ قَالَ هُوَ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا قِيلَ كَيْفَ؟ قَالَ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ رَجَعَتْ إلَى الَّذِي قَالَ وَيُعْطَى هَذَا مِنْهُ كُلَّ شَهْرٍ وَإِذَا مَاتَ هَذَا أَوْ فَضَلَ شَيْءٌ يُرَدُّ إلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْوَصِيَّةِ بِالْمُقَدَّرِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْجُزْءِ الْمَنْسُوبِ ; لِأَنَّهُمَا كَالْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ.

وَكَتَبَ الْقَاضِي بِخَطِّهِ عَلَى حَاشِيَةِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّالِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تَقْتَضِي الرُّجُوعَ عَنْ الْأُولَى ; لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ إذْ الْعُمْرُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَعْرُوفٌ.

قَالَ وَقَدْ قِيلَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ وَثَلَاثَةٌ لِلْآخَرِ كَمَا لَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ انْتَهَى.

وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِمَا ضَعْفٌ ; لِأَنَّ أَحْمَدَ رَدَّ الْفَضْلَ عَنْ النَّفَقَةِ إلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا يَبْطُلُ أَنَّهُ رُجُوعٌ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلثَّانِي إنَّمَا هِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَكَيْفَ تَكُونُ وَصِيَّةٌ بِالْمَالِ كُلِّهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلًا.

فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْخِرَقِيِّ فِي كِتَابِهِ وَهِيَ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهِ كَعَبْدٍ وَلِآخَرَ وَتَبِعَهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ كَالثُّلُثِ أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ يَزْدَحِمَانِ فِي الْمُعَيَّنِ مَعَ الْإِجَازَةِ كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِاثْنَيْنِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ، فَهَذَا قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا إشْكَالَ عَلَى هَذَا وَإِنْ حُمِلَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ فَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ وَنُصُوصُ أَحْمَدَ وَأُصُولُهُ تُخَالِفُهُ كَنَصِّهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَبْدِ لِاثْنَيْنِ وَنَصِّهِ عَلَى أَنَّ مَنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ وَلِجِيرَانِهِ بِشَيْءٍ وَزَيْدٌ مِنْ جِيرَانِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْجِيرَانِ شَيْئًا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّ الْأَصْحَابَ اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الْخِرَقِيِّ وَأَنْكَرُوهَا عَلَيْهِ وَنَسَبُوهُ إلَى التَّفَرُّدِ بِهَا.

[الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فِي كَلَامَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ]

ِ فَهَاهُنَا حَالَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ عَنْ كَلَامِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَالْأَقَارِيرِ وَالشَّهَادَاتِ وَالْعُقُودِ فَيَقَعُ التَّعَارُضُ فِي الشَّهَادَاتِ وَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ الثَّانِي وَلَا الْعَقْدُ الثَّانِي رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَعَ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَنَّ الْخَاصَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَامِّ لَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْكَلَامِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخَاصَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَامِّ مُطْلَقًا وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ قَرِينَةً مُخَرَّجَةٍ مِنْ الْعُمُومِ مَا لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي دُخُولَهُ فِيهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِيهِ بِقَرِينَةٍ أَوْ مُطْلَقًا فَإِذَا تَعَارَضَ دَلَالَةُ الْعَامِّ وَدَلَالَةُ الْخَاصِّ فِي شَيْءٍ فَهَلْ تَرْجِعُ دَلَالَةُ الْخَاصِّ أَمْ

<<  <   >  >>