للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الضَّمَانِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْخَلْطَ كَانَ عُدْوَانًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عِنْدَهُمَا إلَّا مَعَ التَّعَدِّي وَلَوْ اخْتَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ثُمَّ ضَاعَ الْبَعْضُ جُعِلَ مِنْ مَالِ الْمُودَعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ فِي الْخِلَافِ أَنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَلَا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ فِيمَنْ مَعَهُ دِينَارٌ أَمَانَةٌ لِغَيْرِهِ فَسَقَطَ مِنْهُ مَعَ دِينَارٍ لَهُ فِي رَحَى فَدَارَتْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَقَصَا وَكَانَ نَقْصُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ نَقْصِ الْآخَرِ وَلَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا لَهُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فَيَدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْأَمَانَةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الثَّقِيلَ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعُشْرُونَ مِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ بَدَلِ شَيْء سُئِلَهُ فَامْتَنَعَ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) : مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ بَدَلِ شَيْءٍ سُئِلَهُ فَامْتَنَعَ فَهَلْ يَسْقُطُ إذْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يُعْتَبَرُ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ هَذَا نَوْعَانِ:

(أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ إذْنًا مُجَرَّدًا وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: (مِنْهَا) وَضْعُ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ جَاره إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ إذْنِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ أَبَاهُ.

(وَمِنْهَا) حَجُّ الزَّوْجَةِ الْفَرْضَ وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحُجُّ إلَّا بِإِذْنِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا فَعَلَى هَذَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِذْنِ لَهَا وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ اسْتِئْذَانَهَا لَهُ مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.

(وَمِنْهَا) إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ؟ حَكَى الْأَصْحَابُ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ السَّيِّدُ.

وَالثَّانِيَةُ تَجِبُ بِدُونِ إذْنِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِئْذَانُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا خَالَفَهُ وَذَهَبَ.

(وَمِنْهَا) أَخْذُ فَاضِلِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ مِنْ أَرْضِهِ هَلْ يَقِفُ جَوَازُ الدُّخُولِ إلَى الْأَرْضِ عَلَى إذْنِهِ أَمْ يَجُوزُ بِدُونِ إذْنِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الرَّعْيِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمَحُوطِ [فَأَمَّا الْمَحُوطُ] فَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ وَمَتَى تَعَذَّرَ الِاسْتِئْذَانُ لِغَيْبَةِ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ اسْتَأْذَنَ فَلَمْ يَأْذَنْ سَقَطَ إذْنُهُ كَمَا فِي الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَنَقَلَ مُثَنَّى الْأَنْبَارِيُّ عَنْ أَحْمَدَ مَا يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الدُّخُولِ لِلْمَاءِ وَالْكَلَأِ فَيَتَعَيَّنُ الِاسْتِئْذَانُ لِلدُّخُولِ لِلْكَلَأِ دُونَ الْمَاءِ.

(وَمِنْهَا) بَذْلُ الضِّيَافَةِ الْوَاجِبَةِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهَا جَازَ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ نَقَلَهَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ وَنَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلٌ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِعِلْمِهِمْ وَيُطَالِبُهُمْ

<<  <   >  >>