مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ أَحَقُّ بِتَمَلُّكِهِ بِالْأَحْيَاءِ فَإِنْ بَادَرَ الْغَيْرُ فَأَحْيَاهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ التَّمَلُّكِ وَصَارَ التَّمَلُّكُ وَاقِفًا عَلَى اخْتِيَارِهِ. فَأَمَّا إنْ ثَبَتَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي التَّمَلُّكِ وَوَعَدَ بِهِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ كَالْمُسْتَامِ وَالْخَاطِبِ إذَا رَكَنَ إلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ مُزَاحَمَتُهُمَا أَيْضًا وَلَكِنْ يَصِحُّ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْبَيْعِ انْعَقَدَ وَأَخَذَ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ هَهُنَا وَلِأَنَّ الْمُفِيدَ لِلْمِلْكِ هُنَا الْعَقْدُ وَالْمُحَرَّمُ سَابِقٌ عَلَيْهِ فَهُوَ كَاسْتِيلَادِ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ بِالْعُلُوقِ لَمَّا كَانَ الْمُحَرَّمُ وَهُوَ الْوَطْءُ سَابِقًا عَلَيْهِ.
[النَّوْعُ الثَّالِثُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ]
ِ وَيَدْخُلُ فِيهِ صُوَرٌ: (مِنْهَا) وَضْعُ الْجَارِ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهِ.
(وَمِنْهَا) إجْرَاءُ الْمَاءِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِقَضَاءِ عُمْرَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَكَذَلِكَ إذَا احْتَاجَ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي طَرِيقِ مَائِهِ مِثْلُ أَنْ يُجْرِيَ مِيَاهَ سُطُوحِهِ أَوْ غَيْرِهَا فِي قَنَاةٍ لِجَارِهِ أَوْ يَسُوقَ فِي قَنَاةٍ عَذْبَةٍ مَاءً ثُمَّ يُقَاسِمُهُ جَارُهُ وَلَوْ وَضَعَ عَلَى النَّهْرِ عَبَّارَةً يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ فَخَرَّجَهَا الْأَصْحَابُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَوْمٍ اقْتَسَمُوا دَارًا كَانَتْ لَهَا أَرْبَعَةُ سُطُوحٍ يَجْرِي الْمَاءُ عَلَيْهَا فَلَمَّا اقْتَسَمُوا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ جَرَيَانِ الْمَاءِ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا قَدْ صَارَ لِي وَلَيْسَ بَيْنَنَا شَرْطٌ فَقَالَ أَحْمَدُ يُرَدُّ الْمَاءُ إلَى مَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ وَلَا يَضُرَّ بِهِ. وَحَمَلَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ جَرَيَانِ الْمَاءِ وَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْقُضَ سَطْحَهُ وَيَسْتَحْدِثَ لَهُ مَسِيلًا فَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُجْرِيَهُ عَلَى رَسْمِهِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ كَمَا يَجْرِي مَاؤُهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ أَوْ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الدَّارَ إذَا اُقْتُسِمَتْ كَانَتْ مَرَافِقُهَا كُلُّهَا بَاقِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْجَمْعِ كَالِاسْتِطْرَاقِ فِي طَرِيقِهَا، وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ حَصَلَ الطَّرِيقُ فِي حِصَّةِ أَحَدِ الْمُقْتَسِمِينَ وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَجْهًا فِي مَسْأَلَةِ الطَّرِيقِ بِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَبَقَاءِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فِيهِ لِلْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ لَا يُرَادُ مِنْهُ سِوَى الِاسْتِطْرَاقِ فَالِاشْتِرَاكُ فِيهِ يُزِيلُ مَعْنَى الْقِسْمَةِ وَالِاخْتِصَاصُ بِخِلَافِ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى السَّطْحِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَ السَّطْحِ مِنْ الِانْفِرَادِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمِلْكِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ يُحْصَدُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ كَانَ ذَلِكَ مُبْقَى فِي الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ بِغَيْرِهِ أُجْرَةٍ وَلَوْ أَرَادَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ أَوْ يُؤَجِّرَهَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute