وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُعْتَدُّ لَهُ بِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ.
وَمِنْهَا: إذَا شَكَّ هَلْ تَرَكَ وَاجِبًا فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ.
وَالثَّانِي: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ السُّجُودِ.
وَمِنْهَا: إذَا كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا خَبَرُهُ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَبَرٌ مُنْقَطِعًا كَالْمُودَعِ وَنَحْوِهِ فَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجْهَانِ.
وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْمَالَ ذَهَبَ.
وَيَبْنِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الزَّكَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَقْبِضَهَا وَيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهَا، وَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِهَا.
وَيَتَوَجَّهُ عِنْدِي أَنْ أَذَيْتُكِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْمُنْقَطِعِ خَبَرُهُ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَحَلِّ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ الْعَيْنُ وَجَبَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ تِسَاعًا الزَّكَاةِ حَتَّى يَقْبِضَ كَالدَّيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ الذِّمَّةُ لَمْ يَجِبْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقَدْ شَكَّ فِي اشْتِغَالِهَا، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَالِ الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَمِنْهَا: الْعَبْدُ الْآبِقُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ هَلْ تَجِبُ فِطْرَتُهُ أَمْ لَا؟ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْفِطْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَيَتَخَرَّجُ لَنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَجِبُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ عِتْقِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ عِتْقِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهُ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجْهَيْنِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ عَضَّدَهُ الظَّاهِرُ الدَّالُ عَلَى هَلَاكِ الْعَبْدِ مِنْ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ، فَرُجِّحَ هَذَا الْأَصْلُ بِاعْتِضَادِهِ بِهَذَا الظَّاهِرِ، وَأَيْضًا فَالْكَفَّارَةُ ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ شَكَّ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْهَا فَلَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إذَا ظَهَرَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَاخْتَلَفَا هَلْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ وَلُزُومُ الْبَيْعِ بِالتَّفَرُّقِ.
وَالثَّانِيَة: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ الْمُبْرِئِ، وَأَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هَذَا الْخِلَافَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ وَجْهًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَمْ تَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا.
وَمِنْهَا: مَنْ لَزِمَهُ ضَمَانُ قِيمَةِ عَيْنٍ فَوَصَفَهَا بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْعَيْبِ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَالْأَصْلُ إبْرَاءُ ذِمَّتِهِ، أَوْ قَوْلِ خَصْمِهِ فِي إنْكَارِ الْعَيْبِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَمِنْهَا: إذَا آجَرَهُ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الْعَبْدَ آبِقٌ مِنْ يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ فَفِيهِ