وَهُوَ الْأَظْهَرُ إنَّمَا زَكَاةُ النِّصَابِ زَكَاةُ انْفِرَادٍ لِانْفِرَادِهِ فِي أَوَّلِ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْحَوْلِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ فَعَلَى هَذَا إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ وَجَبَ إخْرَاجُ بَقِيَّةِ الْمَجْمُوعِ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ بِكَمَالِ حَوْلِهِ يَتِمُّ حَوْلُ الْجَمِيعِ. فَيَجِبُ تَتِمَّةُ زَكَاتِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ الْمُسْتَفَادِ بِخُصُوصِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ وَجَبَ فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ فَرْضِ الْجَمِيعِ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أَخْرَجَ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ بَقِيَّةُ الْفَرْضِ عَلَى فَرْضِ الْمُسْتَفَادِ بِانْفِرَادِهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ فَرْضِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ هَاهُنَا وَجْهُ الضَّمِّ وَيَتَعَيَّنُ وَجْهُ الْخُلْطَةِ وَيَلْغُو وَجْهُ الِانْفِرَادِ أَيْضًا عَلَى مَا سَبَقَ وَبِهَذَا كُلِّهِ صَرَّحَ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْ الْمُسْتَفَادِ بِخُصُوصِيَّتِهِ.
وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ اخْتِلَافِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ.
(النَّوْعُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ تَتِمَّةُ فَرْضِ زَكَاةِ الْجَمِيعِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِ الْمُسْتَفَادِ لِخُصُوصِيَّةٍ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ خَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرِ ثُمَّ ثَلَاثِينَ بَعْدَهَا فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأُولَى فَعَلَيْهِ مُسِنَّةٌ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ مُسِنَّةٌ أُخْرَى عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَمْتَنِعُ الضَّمُّ هُنَا لِئَلَّا يَئُولَ إلَى إيجَابِ مُسِنَّةٍ عَنْ ثَلَاثِينَ وَيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مُسِنَّةٍ عَلَى وَجْهِ الْخُلْطَةِ.
(النَّوْعُ الثَّانِي) : أَنْ تَكُونَ تَتِمَّةُ الْوَاجِبِ دُونَ فَرْضِ الْمُسْتَفَادِ بِانْفِرَادِهِ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ سِتًّا وَسَبْعِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ بَعْدَهَا فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأُولَى فَعَلَيْهِ ابْنَتَا لَبُونٍ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِيَةِ فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَلْزَمُ تَمَامُ فَرْضِ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ بِنْتُ لَبُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُمْنَعُ ذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ حِقَّةٌ فَيُزَكِّي مَا عَلَى الْخُلْطَةِ أَوْ الِانْفِرَادِ. وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّ وَجْهَ الضَّمِّ إذَا اُعْتُبِرَ مَعَ كَوْنِ الْمُسْتَفَادِ يَصِيرُ وَقْصًا مَحْضًا يَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ إنْ كَانَ فِيهِ زَكَاةٌ بِانْفِرَادِهِ فَكَيْفَ لَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ فَرْضُهُ دُونَ فَرْضِهِ بِانْفِرَادِهِ.
(النَّوْعُ الثَّالِث) أَنْ يَكُونَ فَرْضُ النِّصَابِ الْأَوَّلِ الْمُخْرَجِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ فَرْضِ الْمَجْمُوعِ أَوْ نَوْعِهِ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ خَمْسًا بَعْدَهَا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَمْتَنِعُ الضَّمُّ هَاهُنَا لِتَعَذُّرِ طَرْحِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْ وَاجِبِ الْكُلِّ وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ يَجِبُ إخْرَاجُ تَتِمَّةِ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لِضَرُورَةِ اخْتِلَافِ الْحَوْلَيْنِ لَا سِيَّمَا وَنَحْنُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ نُجْبَرُ بِتَشْقِيصِ الْفَرْضِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَإِخْرَاجِ نِصْفَيْ شَاةٍ عَنْ أَرْبَعِينَ أَوْ حِقَّتَيْنِ وَبِنْتِي لَبُونٍ وَنِصْفًا عَنْ مِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يَتَّفِقُ وَجْهُ الْخُلْطَةِ وَوَجْهُ الضَّمِّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ مُفْضِيَةً إلَى زِيَادَةِ الْفَرْضِ أَوْ نَقْصِهِ، وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ حَيْثُ أَدَّى الِاتِّفَاقُ إلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْنِي النِّصَابَ، وَالْمُسْتَفَادُ وَقْصٌ وَلَا حَدَثَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا وَقْصٌ فَيُزَكَّى كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَيْ الْجَمِيعِ فَيُخْرِجَ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْمُسْتَفَادِ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَيَتَّفِقُ مِنْهَا وَجْهُ الضَّمِّ وَالْخُلْطَةِ فَيُوجِبَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَفَادُ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute