أَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا وَلَوْ فَرَضَ لَهُ الْحَاكِمُ شَيْئًا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا بِغَيْرِ خِلَافٍ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَنَصَّ [عَلَيْهِ] أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ البرزاطي فِي الْأُمِّ الْحَاضِنَةِ أَنَّهَا لَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ لَهَا الْحَاكِمُ فِي الْمَالِ حَقَّ الْحَضَانَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْ أَعْطَاهُ غَيْرَهُ فَلَهُ تَدَوَّدَتْ مَعَ الْغِنَى بِخِلَافِ الْأَخْذِ بِنَفْسِهِ وَلِهَذَا أَجَازَ لِلْوَصِيِّ الْأَخْذُ إذَا شَرَطَ لَهُ الْأَبُ مَعَ غِنَاهُ وَجَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ إذَا عَمِلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَنْ يَأْخُذَ وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَازَ الْأَخْذُ لِعَامِلِ الزَّكَاةِ مَعَ الْغِنَى لِأَنَّ الْمُعْطِيَ لَهُ [هُوَ] الْإِمَامُ
وَمِنْهَا أَمِينُ الْحَاكِمِ أَوْ الْحَاكِمُ إذَا نَظَرَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ.
قَالَ الْقَاضِي مَرَّةً لَا يَأْكُلُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ بِأَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْوَصِيِّ جُعْلًا مَعَ وُجُودِ مُتَبَرِّعٍ بِالنَّظَرِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَلِيُّ مُتَصَرِّفٌ بِإِذْنِهِ وَتَوْلِيَتِهِ بِخِلَافِ أَمِينِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا بِالْحِفْظِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِأَحَدٍ جُعْلًا عَلَيْهِ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَهُ الْأَكْلُ كَوَصِيِّ الْأَبِ وَأَخَذَهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا بِقَدْرِ شُغْلِهِ وَقَالَ هُوَ مِثْلُ وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَأَمَّا الْأَبُ فَقَالَ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ لِأَجْلِ عَمَلِهِ لِغِنَاهُ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي مَالِهِ وَلَكِنْ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ عِنْدَنَا وَضَعَّفَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وَمِنْهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ أَكْلِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ أَنَّهُ قَالَ فِي وَالِي الْوَقْفِ: إنْ أَكَلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا بَأْسَ. قِيلَ لَهُ: فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْنَا فِيهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِأَرْضٍ أَوْ صَدَقَةٍ لِلْمَسَاكِينِ فَدَخَلَ الْوَصِيُّ الْحَائِطَ أَوْ الْأَرْضَ فَتَنَاوَلَ بِطِّيخَةً أَوْ قِثَّاءَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَيِّمَ بِذَلِكَ أَكَلَ.
وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ - وَأَظُنُّهُ أَبَا حَفْصٍ العكبري - الْوَصِيُّ يَأْكُلُ مِنْ الْوَقْفِ الَّذِي يَلِيه وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ لَهُ الْحَاجَةَ. وَخَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَلَى عَامِلِ الْيَتِيمِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ حِينَ وَقَفَ فَأَوْصَى إلَى حَفْصَةَ ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَلِيُّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ وَمَفْهُومُهُ الْمَنْعُ مِنْ الْأَكْلِ بِدُونِ الشَّرْطِ فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي الصَّدَقَةِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا نَقَلَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ فِي يَدِهِ مَالٌ لِلْمَسَاكِينِ وَأَبْوَابُ الْبِرِّ وَهُوَ فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إنَّمَا أُمِرَ أَنْ يُنَفِّذَ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِأَنَّ مَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بِتَفْرِقَةِ مَالٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ فِي حَيَاتِهِ مَالًا لِيُفَرِّقَهُ صَدَقَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا بِحَقِّ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ وَلَيْسَ بِعَامِلٍ مُنَمٍّ وَاسْتِغْرَاقُ.
وَمِنْهَا الْوَكِيلُ وَالْأَجِيرُ وَالْمَعْرُوفُ مَنْعُهُمَا مِنْ الْأَكْلِ لِاسْتِغْنَائِهِمَا عَنْهُ بِطَلَبِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُوَكِّلِ لَا سِيَّمَا وَالْأَجِيرُ قَدْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عَلَى عَمَلِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْوَلِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute