للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْ يُسْتَدَانَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِفَرْضِ الْحَاكِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَفِي التَّرْغِيبِ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ الِاسْتِقْرَاضُ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ حَتَّى وَلَا لِلزَّوْجَةِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ، وَإِنَّمَا لِلزَّوْجَةِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا الْمُوسِرِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ إذَا قَدَرَتْ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا وَحَكَى فِي أَخْذِهَا لِوَلَدِهَا وَجْهَيْنِ قَالَ وَلَيْسَ لَهَا الْإِنْفَاقُ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ مَالِهِ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ لِانْتِفَاءِ وِلَايَتِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ الْمُتَقَدِّمِ وَلِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا وَلِوَلَدِهَا وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهَا تَقْبِضُ الزَّكَاةَ لِوَلَدِهَا الطِّفْلِ وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِ غَيْرِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا يَرْجِعُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا اسْتَدَانَتْ عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمِثْلِ مَعَ غَيْبَتِهِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ إذْنَ حَاكِمٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِي سُقُوطِ نَفَقَةِ [الزَّوْجَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ] بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِدُونِ فَرْضِ الْحَاكِمِ لَهَا وَكَذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَعَ أَنَّهُ وَافَقَ طَرِيقَةَ الْخِلَافِ فِي الرُّجُوعِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فِي الضَّمَانِ وَضَعَّفَ صَاحِبُ الْمُغْنِي اعْتِبَارَ الْإِذْنِ طَرْدًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّمَانِ.

وَمِنْهَا: إذَا هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَ الْجِمَالَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ فَفِي الرُّجُوعِ الرِّوَايَتَانِ وَمُقْتَضَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبِرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّهْنِ وَاعْتَبَرُوهُ أَيْضًا فِي الْمُودَعِ وَاللُّقَطَةِ وَفِي الْمُغْنِي إشَارَةٌ إلَى التَّسْوِيَةِ مِنْ الْكُلِّ فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَأَنَّ الْإِنْفَاقَ بِدُونِ إذْنِهِ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ اعْتَبَرُوا الْإِشْهَادَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَمِنْهَا: إذَا هَرَبَ الْمُسَاقِي قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْجَمَّالِ إلَّا أَنَّ لِلْمَالِكِ الْفَسْخَ وَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِ الْمُسَاقَاةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: إذَا غَابَ الزَّوْجُ فَاسْتَدَانَتْ الزَّوْجَةُ النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهَا وَأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُ الْحَاكِمِ.

وَمِنْهَا: إذَا أَعَارَهُ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ ثُمَّ افْتَكَّهُ الْمُعِيرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي.

وَمِنْهَا: لَوْ قَضَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ عَنْ الْمَيِّتِ لِيَزُولَ تَعَلُّقُهُ بِالتَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِيهِ خِلَافًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا قَدْ لَا يَطَّرِدُ فِيهِمَا الْخِلَافُ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ هَهُنَا لِاسْتِصْلَاحِ مِلْكِ الْمُنْفِقِ فَهُوَ كَإِنْفَاقِ الشَّرِيكِ عَلَى عِمَارَةِ الْحَائِطِ يَرْجِعُ

<<  <   >  >>