للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَصْحَابِ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْبَائِعِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ شَيْئًا وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ قَالَ الشِّيرَازِيُّ وَزَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ النَّمَاءِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إبْهَامِهِ مِنْ عُمُومِ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا فَنَمَتْ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ فَالنَّمَاءُ لَهُ قَالَ وَهَذَا يَعُمُّ الْمُنْفَصِلَ وَالْمُتَّصِلَ قُلْت وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ صَرِيحًا كَمَا قَالَ الشِّيرَازِيُّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَنَمَتْ عِنْدَهُ وَكَانَ بِهَا دَاءٌ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي حَبَسَهَا وَرَجَعَ بِقَدْرِ الدَّوَاءِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النَّمَاءِ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّ النَّمَاءَ الْمُتَّصِلَ يَرُدُّهُ مَعَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ رَجَعَ يَعُودُ إلَى الْمُشْتَرِي وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ يَعُودُ إلَى الْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى [الْبَائِعِ بِقِيمَةِ] النَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ، وَوَجْهُ الْإِجْبَارِ هُنَا عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّ ثَمَنِهَا فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهَا الْمُتَّصِل بِهَا يَتْبَعُهَا فِي حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْمَرْدُودُ بِالْإِقَالَةِ وَالْخِيَارِ يَتَوَجَّهُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَسْخُ لِلْخِيَارِ وَقَعَ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ وَالْإِقَالَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي خِلَافِهِمَا وَفِيهِ بُعْدٌ

وَمِنْهَا الْمَبِيعُ إذَا أَفْلَسَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَوَجَدَهُ الْبَائِعُ قَدْ نَمَا نَمَاءً مُتَّصِلًا قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَرْجِعُ بِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ الرُّجُوعَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا رَوَى الْمَيْمُونِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ إذَا زَادَتْ الْعَيْنُ أَوْ نَقَصَتْ يَرْجِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ زَادَ أَوْ نَقَصَ يَوْمَ اشْتَرَاهُ قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِهِ زَادَ أَوْ نَقَصَ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ زِيَادَةُ السِّعْرِ وَنُقْصَانُهُ وَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ مَا يُنَافِي مُطَالَبَتَهُ بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ صِبْغًا فِي الثَّوْبِ.

وَقَالَ الْخِرَقِيِّ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ خِلَافِهِ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَنْ أَحْمَدَ فَيَكُونُ أُسْوَةً بِالْغُرَمَاءِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ زَادَ الصَّدَاقُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عِنْدَ مَنْ سَلَّمَهُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَدْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِرَدِّهِ بِزِيَادَتِهِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ.

وَلِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ وَالْفَسْخُ هُنَا اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ حَادِثٍ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُنْتَقَضُ الْأَوَّلُ بِمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ فَوَجَدَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمِنَ.

وَالثَّانِي: بِمَا لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا بَعْدَ إفْلَاسِهِ وَقَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ حَجْرَهُ إنَّمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ لِثُبُوتِ الْمُفْلِسِ وَظُهُورِهِ.

وَقَدْ سَبَقَ نَصَّ أَحْمَدَ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلُونَ بَيْنَ رُجُوعِ الْبَائِعِ هَهُنَا وَبَيْنَ الصَّدَاقِ بِأَنَّ الصَّدَاقَ يُمْكِن لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ تَامًّا بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الدُّخُولُ إلَى حَقِّهِ تَامًّا إلَّا بِالرُّجُوعِ، هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ انْدِفَاعَ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالْبَدَلِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْ

<<  <   >  >>