يُقَالَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الثَّمَرَةِ فِي صِفَتِهَا لِلْمُشْتَرِي وَمَا طَالَ مِنْ الْجِزَّةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ قَدْ جَزّ مَا اشْتَرَاهُ لَأَمْكَنَ وُجُودُهَا وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ، فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تُجَزَّ انْتَهَى. وَاخْتَارَ الْقَاضِي خِلَافَ هَذَا كُلِّهِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ كُلَّهَا لِلْمُشْتَرِي مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلِلْبَائِعِ مَعَ فَسَادِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ فِي هَذَا خِلَافًا، وَمَا قَالَهُ مِنْ انْفِرَادِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَرَةِ بِزِيَادَتِهَا مُخَالِفٌ لِمَنْصُوصِ أَحْمَدَ وَقِيَاسِهِ كَذَلِكَ عَلَى سِمَنِ الْعَبْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ نَمَتْ مِنْ أَصْلِ الْبَائِعِ مَعَ اسْتِحْقَاقِ إزَالَتِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ سِمَنِ الْعَبْدِ وَطُولِهِ وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لِلْبَائِعِ إلَى حِينِ الْقَطْعِ لَكَانَ أَقْرَبَ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ بَطَّةَ فِيمَنْ اشْتَرَى خَشَبًا لِلْقَطْعِ فَتَرَكَهُ فِي أَرْضِ الْبَائِعِ حَتَّى غَلُظَ وَاشْتَدَّ أَنَّهُ يَكُونُ بِزِيَادَتِهِ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أُجْرَةُ أَرْضِهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي تَرَكَهَا فِيهِ وَأَخَذَهُ مِنْ غَرْسِ الْغَاصِبِ وَلَكِنَّ تَبْقِيَةَ الشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ لَهُ أُجْرَةٌ مُعْتَبَرَةٍ وَلِلْمَالِكِ الزَّرْعُ فَأَمَّا تَبْقِيَةُ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ فَلَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أُجْرَةً بِحَالٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي التَّفْلِيسِ وَحُكْمُ الْعَرَايَا إذَا تُرِكَتْ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ [حَتَّى أَثْمَرَتْ] حُكْمُ الثَّمَرِ إذَا تُرِكَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِي الْبُطْلَانِ فِي الْعَرِيَّةِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ كَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ بَيْعَ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمُزَابَنَةِ الْمُحَرَّمَةِ شُرِعَتْ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ وَشِرَائِهِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا تُرِكَ حَتَّى صَارَ تَمْرًا فَقَدْ زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ الرُّخْصَةُ وَصَارَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا بِتَعْيِينِ الْمُسَاوَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْعُقُودُ فَيُتَّبَعُ فِيهَا النَّمَاءُ الْمَوْجُودُ حِينَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالْقَبُولِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ الْإِيجَابِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَمِنْ ذَلِكَ الْمُوصَى بِهِ إذَا نُمِّيَ نَمَاءً مُنْفَصِلًا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْعَيْنَ إذَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ قُلْنَا لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَّا مِنْ حِينِ الْقَبُولِ فَالزِّيَادَةُ مَحْسُوبَةٌ كَذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ قُلْنَا ثَبَتَتْ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَالزِّيَادَةُ لَهُ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ عَلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ وَمِنْهُ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ إذَا كَانَ فِيهِ شَجَرٌ فَنَمَا قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِنَمَائِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ أَوْ زَرْعٌ فَنَمَا وَقُلْنَا يَتْبَعُ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَلَوْ تَأَبَّرَ الطَّلْعُ الْمَشْمُولِ بِالْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ فَفِي تَبَعِيَّتِهِ وَجْهَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالطَّلْعِ وَنَمَائِهِ.
(وَمِنْهُ) لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَا اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ ثُمَّ نَمَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي نَمَاءً مُنْفَصِلًا حَتَّى زَادَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلزِّيَادَةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَأَمَّا تَبَعِيَّةُ النَّمَاءِ فِي عُقُودِ التَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ فِي الرَّهْنِ وَأَمْوَالِ الزَّكَاةِ وَالْجَانِي فِي التَّرِكَةِ الْمُتَعَلَّقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute