للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَفْعًا لَهَا، قَالَ الْأَصْحَابُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ بِأَنَّ الصُّوفَ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ إيجَابِهَا فَوَرَدَ الْإِيجَابُ عَلَيْهِ وَاللَّبَنُ يَتَجَدَّدُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَهُوَ كَمَنْفَعَةِ ظَهْرِهَا.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالشَّعْرِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَذَكَرَ ابْنُ الزاغوني أَنَّ اللَّبَنَ وَالصُّوفَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْإِيجَابِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْهَدْيِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِي اللَّبَنِ.

وَلَوْ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَ الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً أُخِذَ مِنْهُ أَرْشُهُ وَتُصُدِّقَ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالتَّعْيِينِ كَقَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ فَهُوَ مِنْ قِسْمِ التَّمْلِيكَاتِ الْمُنْجَزَةِ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَإِنْ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ كَمَنْ وَقَفَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ لَازِمٍ وَهُوَ [مَا] يَمْلِكُ الْعَاقِدُ إبْطَالَهُ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ تُمْنَعُ نُفُوذُ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبِ إبْدَالٍ فَلَا يُتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءُ مِنْ غَيْرِ عَيْنِهِ، وَفِي اسْتِتْبَاعِ الْوَلَدِ خِلَافٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا: الْمُدَبَّرَةُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يَتْبَعُهَا وَزَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ نَزَلَ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ لَازِمٌ أَمْ لَا.

فَإِنْ قِيلَ بِلُزُومِهِ تَبِعَ الْوَلَدُ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْ وَأَبَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّبَعِيَّةِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَكُونُ مُدَبِّرًا بِنَفْسِهِ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ لَوْ عَتَقَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ حَتَّى يَمُوتَ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ الْأُمِّ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ بَقِيَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ مَحْضٌ لَهَا إنْ عَتَقَتْ عَتَقَ وَإِنْ رَقَّتْ رَقَّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى أَيْضًا.

وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ إذَا حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ فَفِي عِتْقِهِ مَعَهَا وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ فِي الْأُمِّ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ مَحْضٌ.

وَمِنْهَا: الْمُوصَى بِعِتْقِهَا أَوْ وَقْفِهَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصَى لَمْ يَتْبَعْهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُوصَى بِعِتْقِهَا وَقِيَاسُهُ الْأُخْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَتْبَعَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَقْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ شَوْبُ التَّحْرِيرِ دُونَ التَّمْلِيكِ

وَمِنْهَا: الْمُعَلَّقُ وَقْفُهَا بِالْمَوْتِ إنْ قُلْنَا هُوَ لَازِمٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ [صَارَتْ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِلَازِمٍ وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي آخِرِ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ] يُشْعِرُ بِهِ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ تَنَاوَلَ وَشَبَّهَهُ بِالْمُدَبَّرِ يَعْنِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ كَالْمُدَبَّرِ أَوْ لَا يَتْبَعُ لِأَنَّ الْوَقْفَ تُغَلَّبُ فِيهِ شَائِبَةُ التَّمْلِيكِ فَهُوَ كَالْمُوصَى بِهِ وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.

النَّوْعُ الثَّانِي عُقُودٌ مَوْضُوعَةٌ لِغَيْرِ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُمْلَكُ بِهَا النَّمَاءُ بِغَيْرِ إشْكَالٍ إذْ الْأَصْلُ لَا يُمْلَكُ فَالْفَرْعُ أَوْلَى وَلَكِنْ هَلْ يَكُونُ النَّمَاءُ تَابِعًا لِأَصْلِهِ فِي وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَفِي كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَمْ غَيْرَ

<<  <   >  >>