بِخِلَافِ الطَّلْعِ وَفِي الْمُبْهِجِ الِاعْتِبَارُ بِانْعِقَادِ لُبِّهِ فَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ تَبِعَ أَصْلَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الزَّرْعُ الظَّاهِرُ فِي الْأَرْضِ إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهَا بِالْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا فَأَشْبَهَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْمُبْهِجِ لِلشِّيرَازِيِّ إنْ كَانَ الزَّرْعُ بَدَا صَلَاحُهُ لَمْ يَتْبَعْ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتْبَعُ أَخَذَ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى حِينِ إدْرَاكِهِ، وَأَمَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ إلَى حِينِ حَصَادِهِ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا مُخَالِفٌ [لِمَا] عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مَعَ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ يَشْهَدُ لَهُ حَيْثُ قَالَ إنْ وُلِدَ مَوْلُودٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْحَصَادَ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَهَى نُمُوُّهُ وَزِيَادَتُهُ بِبُلُوغِهِ لِلْحَصَادِ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالِاسْتِحْصَادِ وَعَدَمِهِ.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُغْنِي فَقَالَ مَا كَانَ مِنْ الزَّرْعِ لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُتَجَدِّدِ لِأَنَّهُ كَالثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ الرَّطَبَاتِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَيَسْتَحِقُّ فِيهِ الْمُتَجَدِّدُ وَقِيَاسُ الْمَنْصُوصِ فِي الزَّرْعِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُتَجَدِّدُ فِي الْوَقْفِ مِنْ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَلَكِنَّ أَحْمَدَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَاعْتَبَرَ فِي الزَّرْعِ بُلُوغَ الْحَصَادِ وَفِي الثَّمَرِ التَّأْبِيرَ وَنَصُّهُ مَعَ ذَلِكَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ بِالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ الْمَوْجُودِ فِيهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ أَوْ لَا يَبْدُو مُشْكِلٌ، وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِأَنَّ الثَّمَرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي زَمَنِ اسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَقَدْ أُطْلِعَ الثَّمَرُ بِعِلْمِهِ ثُمَّ بَدَا صَلَاحُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَقَالَ فِي شَجَرِ الْجَوْزِ الْمَوْقُوفِ إنَّهُ إنْ أَدْرَكَ أَوَانَ قَطْعِهِ فِي حَيَاةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ مَاتَ وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ مُدَّةً حَتَّى زَادَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَمِنْ الْأَصْلِ الَّذِي لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ تُقَسَّمَ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ وَإِمَّا أَنْ تُعْطَى الْوَرَثَةُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي.
وَإِنْ غَرَسَهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يُدْرِكْ إلَّا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمْ وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْأَوَّلِ فِيهِ شَيْءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ هَهُنَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِصِفَةٍ مَحْضَةٍ مِثْلَ كَوْنِهِ وَلَدًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ نَحْوَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْوَقْفِ عِوَضًا عَنْ عَمَلٍ وَكَانَ وَصِيَاحُ كَالْأُجْرَةِ يَبْسُطُ عَلَى جَمِيعِ السَّنَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ الْأُجْرَةِ أَوْ إنْ كَانَ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ مِنْهُ حَتَّى مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ قَدْ وُجِدَ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ ذَلِكَ الْعَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute