وَضْعُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ مِلْكٌ لِمَنْ حَصَلَتْ الْأَمَةُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ لَا ; لِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ عَنْ أَبِيهِمْ بَلْ ; لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِمْ الْمُشْتَرَكِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي مَعْنَى كَوْنِ الْحَمْلِ لَهُ حُكْمٌ أَوْ لَا حُكْمَ لَهُ طَرِيقَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ هَلْ هُوَ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ أُمِّهِ أَوْ كَالْمَعْدُومِ وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِوُجُودِهِ بِالْوَضْعِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ مُنْفَصِلٌ عَنْ أُمِّهِ وَمُودَعٌ فِيهَا وَلَكِنْ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ الْمُسْتَقِلِّ بِدُونِ انْفِصَالِهِ أَوْ لَا يَثْبُتُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَنْفَصِلَ.
الْفَرْعُ الثَّانِي إذَا أَعْتَقَ الْأَمَةَ الْحَامِلَ عَتَقَ حَمْلُهَا مَعَهَا. وَلَكِنْ هَلْ يَقِفُ عِتْقُهُ عَلَى انْفِصَالِهِ أَوْ يُعْتَقُ مِنْ حِينِ عِتْقِ أُمِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ هُوَ كَالْمَعْدُومِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فَإِنَّ أَسْوَأَ مَا يُقَدَّرُ فِي الْحَمْلِ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فِي حَالٍ مَنَعَ مِنْ نُفُوذِهِ مَانِعٌ فَوَقَفَ عَلَى زَوَالِهِ كَعِتْقِ الْمَرِيضِ لِكُلِّ رَقِيقِهِ، فَإِنَّهُ، يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعِتْقَ قَبْلَ الْمِلْكِ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَوْجُودًا فِي مِلْكِهِ صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ كَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ، وَهَذَا الْعِتْقُ قَدْ بَاشَرَ بِالْعِتْقِ أَمَتَهُ وَحَمْلُهَا مُتَّصِلٌ بِهَا فَوَقَفَ نُفُوذُ عِتْقِهِ عَلَى صَلَاحِيَّتِهِ لِلْعِتْقِ بِظُهُورِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ وَكَانَ عَلَقَةً عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا حِينَئِذٍ نُظِرَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: أَعْتَقَ الْأَمَةَ وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا صَحَّ وَكَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَتُوقَفُ فِيهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْحَكَمِ، وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَخَرَّجُوهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ تُنَافِيهِ الْجَهَالَةُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: أَعْتَقَ الْمُوسِرُ أَمَةً لَهُ حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ فَهَلْ يُعْتَقُ بِالسِّرَايَةِ أَمْ لَا؟ إنْ قُلْنَا أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ لَمْ يَسْرِ إلَيْهِ الْعِتْقُ وَإِنَّمَا دَخَلَ مَعَ الْأُمِّ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا تَبَعًا لِاتِّصَالِهِ بِالْأُمِّ وَاجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ كَمَا يَتْبَعُ الطَّلْعُ الْمُؤَبَّرُ لِلنَّخْلِ فِي الْعَقْدِ إذَا كَانَ مِلْكًا لِمَالِكِهِ وَلَا يَتْبَعُ إذَا كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ السَّامِرِيِّ وَصَاحِبَيْ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ يُعْتَقُ وَيَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ: لَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ وَحْدَهُ صَحَّ وَنَفَذَ وَهَلْ يُعْتَقُ مِنْ حِينِهِ أَوْ يَقِفُ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ وَأَشَارَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي دِيَاتِ الْأَجِنَّةِ إلَى خِلَافٍ لَنَا فِي صِحَّةِ عِتْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ كَجُزْءٍ مِنْهَا أَنْ يَسْرِيَ عِتْقُهُ إلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْفَرْعِ لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ حَامِلٍ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ