تَمْلِيكٍ فَهُوَ بِالْهِبَةِ أَشْبَهُ: وَأَمَّا الْإِخْبَارَاتُ فَمَا كَانَ مِنْهَا خَبَرًا دِينِيًّا أَوْ كَانَ يَجِبُ بِهِ حَقٌّ عَلَى الْمَخْبَرِ قَبْلُ فِي الْمُبْهَمِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ فِيهِ عُذْرُ الِاشْتِبَاهِ فَفِيهِ خِلَافٌ. وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ إخْبَارِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ
وَيُخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:
(مِنْهَا) لَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْإِنَاءَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ قَبْلُ وَصَارَ كَمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِنَجَسٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَهُ بِنَجَاسَةِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّحْمَيْنِ مَيْتَةٌ وَالْآخَرُ مُذَكَّاةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(وَمِنْهَا) الْإِقْرَارُ فَيَصِحُّ الْمُبْهَمُ وَيُلْزَمُ بِتَعْيِينِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَحَدُ هَذَيْنِ مِلْكٌ لِفُلَانٍ، أَوْ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ. وَيَصِحُّ لِلْمُبْهَمِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، أَوْ أَعْتَقَهُ مَوْرُوثُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ زَوَّجَ إحْدَى بَنَاتِهِ مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهَا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهَا تُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ وَدِيعَةٌ وَلَا أَعْلَمُهُ عَيْنًا فَإِنَّهُمَا يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ وَهُمَا يَدَّعِيَانِهَا فَإِنَّهُمَا يَقْتَرِعَانِ وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ، وَقَالَ: الْآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِمِائَتَيْنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ، فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَكَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا اعْتِبَارَ بِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنِدِهَا. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَتَكُونُ الْعَيْنُ لِصَاحِبِهَا وَمَعَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ.
(وَمِنْهَا) الدَّعْوَى بِالْمُبْهَمِ فَإِنْ كَانَتْ بِمَا يَصِحُّ وُقُوعُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مُبْهَمًا كَالْوَصِيَّةِ وَالْعَبْدِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُبْهَمِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَأَلْحَقَ أَصْحَابُنَا الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ قَالَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْحَقِّ وَلَا مُوجَبِهِ فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ.
وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَى الْمُبْهَمِ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا قَسَامَةٌ وَلَا غَيْرُهَا. فَلَوْ قَالَ: قَتَلَ أَبِي أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ لَمْ يُسْمَعْ.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسْمَعَ لِلْحَاجَةِ فَإِنْ مِثْلَهُ يَقَعُ كَثِيرًا وَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَالَ: وَكَذَلِكَ وَالْقَبَاءِ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَالسَّرِقَةِ وَلَا يَجْرِي فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيْعِ إذَا قَالَ: نَسِيت ; لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ.
(وَمِنْهَا) الشَّهَادَةُ بِالْمُبْهَمِ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ [يَصِحُّ] مُبْهَمًا صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لَا سِيَّمَا الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِدُونِ دَعْوَى فَإِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلدَّعْوَى فِي الْحُكْمِ، أَمَّا إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَبْطَلَ وَصِيَّةً مُعَيَّنَةً وَادَّعَتْ نِسْيَانَ عَيْنِهَا فَفِي الْقَبُولِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْ أَحَدِ الْوَصِيَّتَيْنِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute