وَاحِدَةٍ. وَكَذَلِكَ لَا يُذْكَرُ الْخِلَافُ إلَّا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي سَائِرِهَا مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ (فَمِنْهَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْلِيلِ مَسْحِهِ الْخُفَّيْنِ «إنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ قَدَمَيْهِ الْخُفَّيْنِ وَكُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَاهِرَةٌ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ كُلَّ الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَكُلُّ قَدَمٍ فِي حَالِ إدْخَالِهَا طَاهِرَةٌ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ مَا إذَا غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ فَعَلَى التَّوْزِيعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَوْزِيعُ الْمُفْرَدِ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ ; لِأَنَّهُ فِي حَالِ إدْخَالِ الرِّجْلِ الْأُولَى الْخُفَّ لَمْ يَكُنْ الرِّجْلَانِ طَاهِرَتَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ تَوْزِيعُ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ يَصِحُّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَلَكِنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ لَا يَتَبَعَّضُ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الطَّهَارَةِ بِمَنْعِ طَهَارَةِ الرِّجْلِ الْأُولَى عِنْدَ دُخُولِ الْخُفِّ نَعَمْ وُجِدَتْ طَهَارَتُهُمَا عِنْدَ اسْتِكْمَالِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَذَلِكَ مِنْ بَابِ تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ.
(وَمِنْهَا) مَسْأَلَةُ) : مُدِّ عَجْوَةٍ وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ بِنَفْسِهَا فَلْنَذْكُرْ هَاهُنَا مَضْمُونَهَا مُلَخَّصًا: إذَا بَاعَ رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ وَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدِّ عَجْوَةٍ أَوْ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ بِدِرْهَمَيْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا بُطْلَانُ الْعَقْدِ وَلَهُ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَسْلَكُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَهَذَا يُؤَدِّي هَاهُنَا إمَّا إلَى يَقِينِ التَّفَاضُلِ وَإِمَّا إلَى الْجَهْلِ بِالتَّسَاوِي وَكِلَاهُمَا مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا. وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا بَاعَ مُدًّا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا بِمُدَّيْنِ يُسَاوِيَانِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الدِّرْهَمُ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ مُدٍّ وَيَبْقَى مُدٌّ فِي مُقَابَلَةِ مُدٍّ وَثُلُثُ ذَلِكَ رِبًا وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مُدًّا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ بِمُدَّيْنِ يُسَاوِينَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَتَقَابَلُ الدِّرْهَمَانِ بِمُدٍّ وَثُلُثِ مُدٍّ وَيَبْقَى ثُلُثَا مُدٍّ فِي مُقَابَلَةِ مُدٍّ، وَأَمَّا إنْ فُرِضَ التَّسَاوِي كَمُدٍّ يُسَاوِي دِرْهَمًا، وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ يُسَاوِي دِرْهَمًا وَدِرْهَم فَإِنَّ التَّقْوِيمَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَعَهُ الْمُسَاوَاةُ وَالْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي هَاهُنَا كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمُدَّيْنِ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ زَرْعٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ الدِّرْهَمَيْنِ مِنْ نَقْدٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ احْتِمَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِجَوَازِ أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ وَصَحَّحَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ الْمَنْعَ قَالَ ; لِأَنَّا لَا نُقَابِلُ مُدًّا بِمُدٍّ وَدِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ بَلْ نُقَابِلُ مُدًّا بِنِصْفِ مُدٍّ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَاسْتُرِدَّ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَالْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي قَائِمٌ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي تَقْرِيرِهِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ. وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْمُنْقَسِمَ هُوَ قِيمَةُ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute