للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِ أَوْلَادِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ بَعْدَ كُلِّ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ؟ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ.

وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا آخَرَ بِالثَّانِي وَرَجَّحَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ بَابِ تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مِنْ بَابِ تَوْزِيعِ الْمُفْرَدِ عَلَى الْمُفْرَدِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ مَا رَوَاهُ عَنْهُ يُوسُفُ بْنُ أَبِي مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي فِي رَجُلٍ أَوْقَفَ ضَيْعَةً عَلَى أَنَّ لِعَلِيٍّ بْنِ إسْمَاعِيلَ رُبْعَ غَلَّتِهَا مَا دَامَ حَيًّا وَرُبْعًا مِنْهَا لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ وَوَلَدِ مُحَمَّدٍ وَوَلَدِ أَحْمَدَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ فَوَزِّعُوا هَذَيْنِ الرُّبْعَيْنِ بَيْنَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ الثَّلَاثَةِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّ بَعْضَ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا كَيْفَ نَصْنَعُ بِنَصِيبِهِ يُدْفَعُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ يُرَدُّ عَلَى شُرَكَائِهِ وَلَمْ يَقُلْ الْمَيِّتُ إنْ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ دُفِعَ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إنَّمَا قَالَ وَلَدُ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يُدْفَعُ مَا جُعِلَ لِوَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ إلَى وَلَدِهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ دُفِعَ إلَى وَلَدِهِ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ قَالَ: بَيْنَ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَهَذَا مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ فَدَلَّ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا، أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْوَلَدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَدُ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ طَبَقَةِ أَبِيهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ حَيْثُ ذَكَرَ [أَنَّ] ابْنَ إسْمَاعِيلَ تُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ وَأَنَّ بَعْضَ وَلَدِهِ تُوُفِّيَ عَنْ وَلَدٍ وَنُقِلَ إلَى هَذَا الْوَلَدِ نَصِيبُ أَبِيهِ مَعَ وُجُودِ الْمُشَارِكِينَ لِلْأَبِ مِنْ إخْوَتِهِ، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا رَتَّبَ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَوَلَدِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِوَلَدِهِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ الْوَلَدِ إذَا قِيلَ بِدُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ الْوَلَدِ هَلْ يَسْتَحِقُّ مَعَ الْوَلَدِ مُشْرَكًا أَوْ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْوَلَدِ كُلِّهِمْ مُرَتَّبًا تَرْتِيبَ طَبَقَةٍ عَلَى طَبَقَةٍ فَإِنَّ أَحْمَدَ جَعَلَهُ مُرَتَّبًا تَرْتِيبَ أَفْرَادٍ بَيْنَ كُلِّ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا أَنْ يَكُونَ مُرَتَّبًا بَيْنَ كُلِّ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ طَبَقَتِهِ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَقْفَ هَاهُنَا أَوَّلًا كَانَ بَيْنَ شَخْصٍ وَوَلَدِهِ فَرُوعِيَ هَذَا التَّرْتِيبُ فِي اسْتِحْقَاقِ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ فِي طَبَقَةٍ بَعْدَ طَبَقَةٍ وَلَكِنْ سَنَذْكُرُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ مَا يَحْسُنُ تَخْرِيجُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَمِنْهَا) إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ نِسَائِهِ أَوْ عِتْقَ رَقِيقِهِ عَلَى صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَوَجَدَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ وَبَاقِيهَا مِنْ بَعْضٍ آخَرَ فَهَلْ يَكْفِي فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحِنْثِ بِوُجُودِ بَعْضِ الصِّفَةِ فَإِنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الصِّفَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ طُرُقًا ثَلَاثَةً، إحْدَاهُنَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهَا كَمَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَاسْتَثْنَى فِي الْجَامِعِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ

<<  <   >  >>