للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَالِ هُنَا وَهُوَ نِصْفُ حَقِّهِ مَعَ كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَحِقَّانِ الْمَالَ كُلَّهُ لِئَلَّا تَسْتَوِيَ [حَالُ] حُرِّيَّتِهِمَا الْكَامِلَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ. وَهَلْ يَسْتَحِقَّانِ نِصْفَهُ تَنْزِيلًا لَهُمَا حَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعه تَنْزِيلًا لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَلَوْ كَانَ ابْنٌ نِصْفُهُ حُرًّا مَعَ أُمٍّ فَعَلَى الْمَأْخَذِ الثَّانِي فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَالِ كُلِّهِ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ لِلْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِيهِ، قِيلَ يَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَ رُبْعِ الْأُمِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقِيلَ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ حَالَ كَمَالِ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ هُنَا رُبْعُ السُّدُسِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي حُجِبَتْ عَنْهُ الْأُمُّ يَسْتَحِقُّهُ كُلَّهُ وَإِنَّمَا يَتَنَصَّفُ عَلَيْهِ مَا عَدَاهُ.

(وَمِنْهَا) ذُو الْفُرُوضِ الْمُجْتَمِعُونَ الْمُزْدَحِمُونَ فِي فَرْضٍ وَاحِدٍ كَالزَّوْجَاتِ وَالْجَدَّاتِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا إذَا اجْتَمَعَتْ جَدَّتَانِ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا الْأَبِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَحْجُبُهَا فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ السُّدُسَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ السُّدُسَ كُلَّهُ لِزَوَالِ الْمُزَاحِمَةِ مَعَ قِيَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِجَمِيعِهِ، وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ وَلَهُ مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أُمَّ الْأَبِ تَحْجُبُهَا عَنْ السُّدُسِ إلَى نِصْفِهِ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا مَحْجُوبَةً كَمَا يَحْجُبُ وَلَدُ الْأُمِّ الْأُمَّ مَعَ انْحِجَابِهِمْ بِالْأَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حَجْبَ الْأُمِّ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمُزَاحِمَةِ وَلَا مُزَاحَمَةَ هُنَا.

وَحَجْبُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ بِالْمُزَاحَمَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُشَارِكُونَهَا فِي فَرْضِهَا وَإِنَّمَا وُجُودُهُمْ هُوَ مُقْتَضٍ لِتَنْقِيصِ فَرْضِهَا.

وَالثَّانِي أَنَّ أُمَّ الْأَبِ لَهَا مَعَ أُمِّ الْأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ فَلَمَّا حَجَبَ الْأَبُ أُمَّهُ تَوَفَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْأُخْرَى، وَرُدَّ بِأَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنْ السُّدُسِ ثُمَّ لَا يَأْخُذُونَهُ بَلْ يَتَوَفَّرُ عَلَى الْأَبِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ لَمَّا كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ تَوَفَّرَ مَا حَجَبُوا عَنْهُ الْأُمَّ عَلَى مَنْ حَجَبَهُمْ وَهُوَ الْأَبُ كَذَلِكَ هُنَا.

(وَمِنْهَا) الْوَصَايَا الْمُزْدَحِمَةُ فِي عَيْنٍ أَوْ مِقْدَارٍ مِنْ مَالٍ فَإِنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْمُوعِ وَصِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ دُونَ ذَلِكَ لِلْمُزَاحَمَةِ فَإِذَا رُدَّ بَعْضُهُمْ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ بَعْضَ الْوَصَايَا دُونَ بَعْضٍ فَهَلْ يُعْطَى الْمُجَازَ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ لِلْكُلِّ أَوْ يُكْمَلُ لَهُ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّهُ إنْ أَمْكَنَ لِقِيَامِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ وَقَدْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ إلَيْهِ بِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ بِالرَّدِّ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، صَحَّحَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.

الثَّانِي: وَمَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ قَالَ الْقَدْرُ الْمُزَاحَمُ بِهِ كَانَ حَقًّا لِلْمُزَاحِمِ فَإِذَا رَدَّهُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ تَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ فِيمَنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ ثُلُثُ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ

<<  <   >  >>