للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْإِتْلَافِ مِثْلُ أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ الرَّاهِنُ أَوْ يُعْتِقَهُ إنْ كَانَ عَبْدًا وَلَا يُضْمَنُ بِالتَّلَفِ.

وَمِنْهَا: الْعَبْدُ الْجَانِي إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَهَلْ يَضْمَنُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَتِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَأَنْكَرَ فِي الْخِلَافِ رِوَايَةَ الضَّمَانِ بِالْأَرْشِ مُطْلَقًا قَالَ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَحِلَّ الْحَقِّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرَ مِنْ ضَمَانِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَإِنَّهُ مَعَ بَقَائِهِ قَدْ يَرْغَبُ فِيهِ رَاغِبٌ فَيَبْذُلُ فِيهِ مَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْأَرْشَ كُلَّهُ فَلِذَلِكَ ضَمِنَهُ بِأَرْشِ كُلِّهِ عَلَى رِوَايَةٍ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَهُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَفِي الْخِلَافِ الْكَبِيرِ يَسْقُطُ الْحَقُّ كَمَا لَوْ مَاتَ وَحَكَى الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْآمِدِيُّ رِوَايَتَيْنِ.

إحْدَاهُمَا يَسْقُطُ الْحَقُّ قَالَ الْقَاضِي نَقَلَهَا مُهَنَّا لِفَوَاتِ مَحِلِّ الْجِنَايَةِ.

وَالثَّانِيَة: لَا تَسْقُطُ نَقَلَهَا حَرْبٌ وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَبِهَا جَزَمَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فَيَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِقِيمَتِهِ ; لِأَنَّهَا بَدَلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ عَمْدًا فَإِنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ وَجَعَلَ الْقَاضِي الْمُطَالَبَةَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِلسَّيِّدِ، وَالسَّيِّدُ يُطَالِبُ الْجَانِي بِالْقِيمَةِ.

وَمِنْهَا: إذَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ قُتِلَ الْقَاتِلُ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ ثَوْبٍ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ قُتِلَ الرَّجُلُ خَطَأً لَهُمْ الدِّيَةُ قِيلَ لَهُ وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا قَالَ وَإِنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقِيلَ لَهُ فَإِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إنَّهُ إذَا قُتِلَ إنَّمَا كَانَ لَهُمْ دَمُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ الدِّيَةُ قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ إنَّ أَوْلِيَاءَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا قَبِلُوا الدِّيَةَ فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا قَتَلَ تَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ وَقَدْ فَاتَ أَحَدُهُمَا فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَهَذَا يَقْوَى عَلَى قَوْلنَا إنَّ الدِّيَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالتَّرَاضِي.

وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا آخَرَ وَقَوَّاهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الدِّيَةُ بِمَوْتِ الْقَاتِلِ أَوْ قَتْلِهِ بِكُلِّ حَالٍ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا أَوْ أَحَدَ شَيْئَيْنِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِزَاءِ الْعَفْوِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْقَاتِلِ لَا عَفْوَ، فَيَكُونُ مَوْتُهُ كَمَوْتِ الْعَبْدِ الْجَانِي وَالْعَجَبُ مِنْ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ كَيْفَ حَمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ يُخَيَّرُونَ فِي الْقَاتِلِ الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْهُ أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَحَكَاهُ رِوَايَةً وَمَنْ تَأَمَّلَ لَفْظَ الرِّوَايَةِ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا فِي خِلَافِهِ الدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ أَوْ الْقِصَاصُ عَيْنًا وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا رَأَيْته وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ عَمْدًا ثُمَّ يُقَدَّمُ لِيُقَادَ مِنْهُ فَيَأْتِي رَجُلٌ فَيَقْتُلُهُ قَالَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ فَلَمَّا ذَهَبَ الدَّمُ فَيَنْظُرُ إلَى أَوْلِيَاءِ هَذَا الْمَقْتُولِ الثَّانِي فَإِنْ هُمْ أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ الْأَخِيرِ فَقَدْ صَارَ مِيرَاثًا مِنْ

<<  <   >  >>