بِحَالِهِ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ فِي الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ أَطْرَافَ الْآدَمِيِّ لَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ إذْ لَيْسَتْ أَمْوَالًا، فَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ الْجُمْلَةَ وَلَمْ يُوجَدْ نَقْصٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَيَتَوَجَّهُ التَّفْرِيقُ ; لِأَنَّ أَعْضَاءَ الرَّقِيقِ أَمْوَالٌ وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ عَلَى وَجْهٍ لَنَا، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا هَزَلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ سَمِنَتْ فَهَلْ يُضْمَنُ نَقْصَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ ; لِأَنَّهُ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ كَسَرَ خَلْخَالًا لِغَيْرِهِ أَنَّ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ إصْلَاحَ الْخَلْخَالِ نَوْعُ ضَمَانٍ بِخِلَافِ عَوْدِ السَّمْنِ، وَلَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جِدَارًا فَنَقَضَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ، إلَّا أَنَّ هَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَرْشُ فَالْبِنَاءُ عَدُوَّانِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْوَاجِبُ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ فَنَقَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَنَاهَا أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ قِيمَتِهَا مَبْنِيَّةً وَمَنْقُوضَةً يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَمِنْهَا: نَبَاتُ الْحَرَمِ إذَا قَطَعَهُ أَوْ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَى رِيشِ طَائِرٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ ثُمَّ نَبَتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، لِتَرَدُّدِ ضَمَانِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ وَصَيْدِ الْمُحْرِمِ بَيْنَ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ إذْ هِيَ أَمْوَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَبَيْنَ ضَمَانِ الْآدَمِيِّينَ ; لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ وَنَبَاتَهُ مُلْحَقٌ بِالْآدَمِيِّينَ لِعِصْمَتِهِ بِمَحِلِّهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ النَّاسِ، بِخِلَافِ صَيْدِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ يَخْتَصُّ بِهِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ لِمَالِكِهَا دُونَ غَيْرِهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَعَارَهُ حَائِطًا لِوَضْعِ خَشَبِهِ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْجِدَارُ ثُمَّ أَعَادَهُ فَهَلْ لَهُ إعَادَةُ الْوَضْعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ ; لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْإِعَادَةُ وَالصُّلْحُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْعَارِيَّةِ.
وَالثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ إنْ أَعَادَهُ بِآلَتِهِ الْعَتِيقَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute