للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنْهُ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ الَّتِي بِيَدِهِ ; لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ قَدْ أَحْدَثَهُ وَحَازَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَوَاتُ الْمُتَحَجِّرُ وَحُقُوقُ الِاخْتِصَاصَاتِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ كُلُّهَا.

وَمِنْهُ: حِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ إذَا قُلْنَا لَا تُمْلَكُ بِالظُّهُورِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُ لَهَا فِي الْعَقْدِ مَعَ عَمَلِهِ فِي الْمَالِ لِأَجْلِهَا أَبْلَغُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِاللَّفْظِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَانِمِ إنْ سَلَّمْنَاهُ عَلَى قَوْلِنَا لَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِدُونِ التَّمَلُّكِ فَإِنَّهُ لَمْ يُجَاهِدْ لِلْغَنِيمَةِ وَإِنَّمَا جَاهَدَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْغَنِيمَةُ تَابِعَةٌ.

وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ يُطَالِبُ بِهِ فَهُوَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: حُقُوقُ التَّمَلُّكَاتِ وَالْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالِيَّةٍ فَبَعَثَتْ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَفِيهِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُورَثُ وَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ صُوَرٌ.

مِنْهَا: الشُّفْعَةُ فَلَا تُورَثُ مُطَالَبَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَهُ مَأْخَذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا أَحْمَدُ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ مُطَالَبَتِهِ بِهِ وَلَوْ عَلِمَتْ رَغْبَتُهُ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَتِهِ لَكَفَى فِي الْإِرْثِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ حَقَّهُ فِيهَا سَقَطَ بِتَرْكِهِ وَإِعْرَاضِهِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ وَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ إذَا مَاتَ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ فَلِوَلَدِهِ أَنْ يَطْلُبُوا الشُّفْعَةَ تُوَرِّثُهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لَهُمْ الْمُطَالَبَةَ بِهَا بِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِبَقَاءِ إرْثِهَا فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَغَيْرِهِ وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَلَامِهِ فِي ثُبُوتِ الْإِرْثِ فِيهَا.

وَمِنْهَا: حَقُّ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَا تُورَثُ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجْهًا آخَرَ بِإِرْثِهِ مُطْلَقًا.

وَمِنْهَا الْفَسْخُ الثَّابِتُ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْهِبَةِ الْمُخَصَّصِ بِهَا بَعْضُ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالرُّجُوعِ هَلْ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ رِوَايَتَانِ، وَمَأْخَذُهُمَا أَنَّ رُجُوعَ الْوَالِدِ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ الثَّابِتَةِ لِلْوَالِدِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَقُومُ فِيهِ مَقَامَهُ أَوْ هُوَ ثَابِتٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ؟ وَعَلَى هَذَا هَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ حَيْثُ ظَلَمَ وَاعْتَدَى فَأَمَرَ بِالتَّعْدِيلِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ سَقَطَ أَوْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْأَوْلَادِ الْمَظْلُومِينَ فَيَثْبُتُ لَهُمْ الرَّدُّ إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ مِنْ جِهَتِهِ؟

وَمِنْهَا حَدُّ الْقَذْفِ فَلَا يُورَثُ بِدُونِ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهِ وَجْهًا بِالْإِرْثِ وَالْمُطَالَبَةِ.

وَمِنْهَا: الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِدُونِ الطَّلَبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي، وَعَلَّلُوا بِأَنَّهُ يَسْقُطُ إلَى مَالٍ فَهُوَ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

وَمِنْهَا: خِيَارُ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ.

كَذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ.

وَقَالَ الْخِرَقِيِّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَزِمَتْ بِمَوْتِ الْمُوصِي فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ وَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ إذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ الْمَيِّتِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ وَجَبَتْ

<<  <   >  >>