أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَدْخَلَ الْكَلْبُ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَشَكَّ هَلْ وَلَغَ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَكَانَ فَمُهُ رُطَبًا فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُلُوغُهُ أَمْ بِطَهَارَتِهِ ; لِأَنَّهَا الْأَصْلُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَزَجِيُّ.
وَمِنْهَا: إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَشَكَّ هَلْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا؟ وَكَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ وَحَشٌّ فَإِنْ كَانَ إلَى الْبِئْرِ أَقْرَبُ أَوْ هُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ إلَى الْحَشِّ أَقْرَبُ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجِسٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مَا لَمْ يُعَايِنْ خُرُوجَهُ مِنْ الْحَشِّ نَقَلَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُبْهَمِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ تَمِيمٍ.
وَمِنْهَا: طِينُ الشَّوَارِعِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ طَاهِرٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَجَعَلَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي شَرْحِهِ الْمَذْهَبَ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ فِي الْأَعْيَانِ كُلِّهَا.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ نَجِسٌ تَرْجِيحًا لِلظَّاهِرِ وَجَعَلَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ الْمَذْهَبَ حَتَّى حَكَى عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَأَبْدَى احْتِمَالًا بِالْعَفْوِ عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِهِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ نَجَاسَتُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُبْهَمِ عَنْ ابْنِ تَمِيمٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ فَفِي نَجَاسَةِ الْأَرْضِ رِوَايَتَانِ، فَإِذَا جَاءَ الصَّيْفُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلِلْمَسْأَلَةِ أُصُولٌ تَنْبَنِي عَلَيْهَا.
أَحَدُهَا: مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ.
وَالثَّانِي: طَهَارَةُ الْأَرْضِ وَغُسَالَتِهَا بِمَاءِ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الَّتِي عَلَى الْأَرْضِ أَثَرًا أَوْ عَيْنًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَالثَّانِي: بِالِاسْتِحَالَةِ وَفِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ يُبْنَى عَلَيْهِ طَهَارَةُ الطِّينِ إذَا بَقِيَتْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ ثُمَّ اُسْتُهْلِكَتْ فِيهِ حَتَّى ذَهَبَ أَثَرُهَا.
وَالثَّالِثُ: طَهَارَةُ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ وَالشَّمْسِ وَالرِّيحِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَى عَدَمِ طَهَارَتِهَا بِذَلِكَ، وَخَالَفَهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَيُبْنَى عَلَى ذَلِكَ طَهَارَةُ الْأَرْضِ مَعَ مُشَاهَدَةِ النَّجَاسَاتِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: الْمَقْبَرَةُ الْمَشْكُوكُ فِي نَبْشِهَا إذَا تَقَادَمَ عَهْدُهَا هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَبْشُهَا أَوْ بِطَهَارَتِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَمِنْهَا: ثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانَيْهِمْ وَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أَحْمَدَ إحْدَاهَا: الْإِبَاحَةُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ.
وَالثَّانِيَةُ: الْكَرَاهِيَةُ لِخَشْيَةِ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهَا إذْ هُوَ الظَّاهِرُ.
وَالثَّالِثَةُ: إنْ قَوِيَ الظَّاهِرُ جِدًّا لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهَا بِدُونِ غَسْلٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِ مَا وَلِيَ عَوْرَتَهُمْ مِنْ الثِّيَابِ قَبْلَ غَسْلِهِ دُونَ مَا عَلَا مِنْهَا.
وَالثَّانِيَةُ: يُمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ مُطْلَقًا مِمَّنْ يُحْكَمُ بِأَنَّ ذَبِيحَتَهُ مَيْتَةٌ كَالْمُشْرِكِينَ وَالْمَجُوس دُونَ غَيْرِهِمْ.
وَقَالَ الْخِرَقِيِّ فِي شَرْحِهِ وَابْنِ أَبِي مُوسَى: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ قُدُورِ النَّصَارَى لِاسْتِحْلَالِهِمْ الْخِنْزِيرَ، وَزَادَ الْخِرَقِيِّ وَلَا أَوَانِي طَبِيخِهِمْ دُونَ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَبْعُدُ إصَابَتُهُ بِالنَّجَاسَةِ، وَزَادَ أَبِي مُوسَى الْمَنْعَ مِنْ