للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَهُ عِنْدَنَا. وَلِهَذَا يُسَوَّى بَيْنَ اشْتِبَاهِ الْبَوْلِ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ وَاشْتِبَاهِ الْمَاءِ النَّجِسِ بِالطَّاهِرِ، وَنَحْنُ نَقُولُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ وَلَدَ إحْدَى إمَائِهِ ابْنُهُ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ بُيِّنَ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّجَّادِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَمَنْ قُرِعَ أُمِرَ صَاحِبُهُ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ جَدَّدَ الْآخَرُ نِكَاحَهُ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْقَاضِي فِي بَعْضِ مَجَامِيعِهِ قَالَ: حَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْجَزَرِيُّ قَالَ سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى صَدَاقٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا، فَحَضَرَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ زَوَّجَنِي أَبُوك مِنْك عَلَى صَدَاقٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَبَضَهَا مِنِّي، وَعَدِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ فِي الْحَالِ وَقَالَتْ الْبِنْتُ: أَعْلَمُ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ تَزَوَّجَنِي يَقِينًا وَلَكِنْ لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ فَيُجْبَرُ الثَّلَاثَةُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْتَرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْأَلْفِ فَأَيُّهُمْ كَانَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ أَخَذَ الْأَلْفَ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: تَزَوَّجِي أَيَّهمْ شِئْت إنْ أَحْبَبْتِ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ مُسْتَنَدَ الْقَاضِي فِي الْحِكَايَةِ عَنْ النَّجَّادِ فَقَدْ وَهَمَ فِي تَسْمِيَتِهِ ; فَإِنَّ الْحِكَايَةَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ وَنَسَبَهَا هُوَ إلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي نِكَاحَيْنِ مُشْتَبِهَيْنِ بَلْ فِي دَعْوَى الْقُرْعَةِ فِيهَا إنَّمَا هِيَ لِلْمَالِ لَا لِمَحَلِّ الْبُضْعِ فَلَا يَصِحُّ مَاحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُحَقَّقْ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَة يُفْسَخُ النِّكَاحَانِ جَمِيعًا ثُمَّ تَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَتْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا إذَا شَاءَتْ نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ وَمُهَنَّا، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ فِي خِلَافِهِ وَالْخِرَقِيِّ.

وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ.

إحْدَاهُمَا يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ.

وَالثَّانِيَة: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَهِيَ لَهُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَصَحُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ النِّكَاحَيْنِ يَبْطُلَانِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي وَلِيَّيْنِ زَوَّجَا امْرَأَةً لَا تَدْرِي أَيَّهُمَا زَوَّجَ قَبْلُ، قَالَ مَا أَرَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا هَاهُنَا نِكَاحًا، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى ذَلِكَ وَجْهًا وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَ وُقُوعَهُمَا مَعًا وَقَدْ جَعَلَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ الْمَذْهَبَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ وُقُوعَهُمَا مَعًا فَهُمَا جَمِيعًا بَاطِلَانِ غَيْرُ مُنْعَقِدَيْنِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَفِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ وَقَعَا مُتَرَتِّبَيْنِ وَجُهِلَ أَسْبَقُهُمَا فِيهِ الرِّوَايَتَانِ.

قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ وَلَعَلَّهُ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ، فَأَمَّا حُكْمُ الْمَهْرِ فِي هَذَيْنِ النِّكَاحَيْنِ الْمُشْتَبِهَيْنِ فَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَإِنَّ فِي وُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى مَنْ تَخْرُجُ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَجْهَيْنِ، فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْفَسْخِ فَفِي الْمُغْنِي احْتِمَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُوقَفُ نِصْفُ مِيرَاثِهَا أَوْ رُبْعُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَوَرِثَ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّا لَا نَقِفُ الْخُصُومَاتِ قَطُّ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَكَيْفَ يَحْلِفُ مَنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْحَالَ؟ ، وَإِنَّمَا الْمَذْهَبُ عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ: أَيُّهُمَا قَرَعَهُ فَلَهُ الْمِيرَاثُ

<<  <   >  >>