الصَّيْدِ كُلِّهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لَكِنْ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يُعَلِّلُهُ بِأَنَّ رَمْيَ الثَّانِي انْفَرَدَ بِالْعُدْوَانِ فَاسْتَقَلَّ بِالضَّمَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَلِّلُهُ بِأَنَّ رَمْيَهُ كَانَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ كَمَالُ الضَّمَانِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَجْهٌ آخَرُ بِأَنْ يَضْمَنَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مِمَّا قَبْلَهَا.
(وَمِنْهَا) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِمَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ فَزَادَ عَلَيْهَا أَوْ لِحَمْلِ مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِكَمَالِ الْقِيمَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ وَجْهًا آخَرَ بِضَمَانِ النِّصْفِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَدِّ وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ غَيْرُهُ فَتَلِفَتْ تَحْتَهُمَا.
(وَمِنْهَا) إذَا اشْتَرَكَ مُحِلٌّ وَمُحْرِمٌ فِي جَرْحِ صَيْدٍ وَمَاتَ مِنْ الْجُرْحَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ ضَمَانُهُ كَامِلًا هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ مُقْتَضَى الْفِقْهِ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْجَزَاءِ وَقَاسَهُ عَلَى مُشَارَكَةِ مَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي إتْلَافِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ إذْ الْإِذْنُ هُنَاكَ مُنْتَفٍ وَهَهُنَا مَوْجُودٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُحِلُّ إعَانَةَ الْمُحْرِمِ وَمُسَاعَدَتَهُ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ تَوَجَّهَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ أَوْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا بَاعَ مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بَعْدَ النِّدَاءِ.
[ (وَمِنْهَا) لَوْ اشْتَرَكَ فِي جَرْحِ آدَمِيٍّ مُقْتَصٌّ وَغَيْرُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى شَرِيكِ الْمُقْتَصِّ كَمَالُ الدِّيَةِ وَنِصْفُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ] .
(وَمِنْهَا) لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ دَفَعَهَا هُوَ وَأَجْنَبِيٌّ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ الْغُرْمِ وَهُوَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إذْهَابَ الْبَكَارَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِهِ وَلَزِمَ الْأَجْنَبِيَّ نِصْفُ الْأَرْشِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَأَرْشُ الْبَكَارَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَضْمُونُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُقَرِّرُهُ وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ كُلُّهُ عَلَى الزَّوْجِ بِهَذَا الْفِعْلِ مَعَ انْفِرَادِهِ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ اسْتَقَلَّ بِهَذَا الْفِعْلِ لَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كُلُّهُ عَلَى رِوَايَةٍ مَنْصُوصَةٍ نَقَلَهَا مُهَنَّا أَيْضًا فَإِذَا كَانَ مُوجِبًا لِلْمَهْرِ ابْتِدَاءً فَلَأَنْ يُقَرِّرَهُ أَوْلَى وَلَكِنْ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْفِعْلِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الضَّمَانِ نَعَمْ يَتَخَرَّجُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ هُنَا عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الزَّوْجَ هُنَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْبَكَارَة تَبَعًا لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ الْوَطْءِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ضَمِنَهُ كَالْمُسْتَعِيرِ إذَا أَتْلَفَ خَمْلَ الْمِنْشَفَةِ مَثَلًا بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَأَيْضًا فَلَوْ وَجَبَ لِرَجُلٍ قِصَاصٌ عَلَى آخَرَ فِي نَفْسِهِ فَقَطَعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ عُدْوَانًا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ إتْلَافَ بَعْضِ أَعْضَائِهِ إلَّا تَبَعًا لِإِتْلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute