الْإِقَالَةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِيهَا طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ فَسْخٌ جَازَتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ فِي رِوَايَتِهِمَا وَصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ.
وَالثَّانِيَةُ: جَوَازُ الْإِقَالَةِ فِيهِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ
(الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ) بَاعَهُ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ أَرْضِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا فَإِنْ قُلْنَا: الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُشْتَرِي وَلَا مَنْ حَدَثَ لَهُ شَرِكَةً فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْمُقَايَلَةِ شَيْئًا مِنْ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ تَثْبُتُ لَهُمْ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ ثُمَّ عَفَا الْآخَرُ عَنْ شُفْعَتِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَأَرَادَ الْعَافِي أَنْ يَعُودَ إلَى الطَّلَبِ فَإِنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ فَسْخٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ.
(الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ عَشَرَ) اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا ثُمَّ تَقَايُلَاه قَبْلَ الطَّلَبِ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَقِيلَ لَا تَسْقُطُ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ اُسْتُحِقَّتْ بِنَفْسِ الْبَيْعِ فَلَا تَسْقُطُ بَعْدَهُ وَقِيلَ يَسْقُطُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي حَفْصٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.
(الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ عَشَرَ) هَلْ يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ أَوْ الشَّرِيكُ الْإِقَالَةَ فِيمَا اشْتَرَاهُ؟ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ مَلَكَ، وَإِلَّا فَلَا ; لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ فُصُولِهِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنْ يَمْلِكَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ كَمَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ.
(وَالْخَامِسَةُ عَشَرَ) هَلْ يَمْلِكُ الْمُفْلِسُ بَعْدَ الْحَجْرِ الْمُقَايَلَةَ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لَمْ يَمْلِكْهُ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَحَظِّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مُسْتَأْنَفٍ بَلْ مِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَوَاحِقِهِ.
(الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ عَشَرَ) لَوْ وَهَبَ الْوَالِدُ لِابْنِهِ شَيْئًا فَبَاعَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ. فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ امْتَنَعَ رُجُوعُ الْأَبِ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ فَوَجْهَانِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ وَوَجَدَهَا بَائِعُهَا عِنْدَهُ.
(الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ عَشَرَ) : بَاعَ أَمَةً ثُمَّ أَقَالَ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا؟ فِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ قُلْنَا: فَسْخٌ لَمْ يَجِبْ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بِنَاءِ كُلِّ هَذَا الْأَصْلِ ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى انْتِقَالِ الضَّمَانِ عَنْ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَقِيلَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ مَعَ تَحَقُّقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ هَلْ يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ وَهَذَا أَظْهَرُ.
(الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشَرَ) : لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَيَبِيعَنَّ أَوْ عَلَّقَ عَلَى الْبَيْعِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا ثُمَّ أَقَالَ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ مِنْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَيْمَانُ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ وَلَيْسَ فِي الْعُرْفِ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ.
(الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ عَشَرَ) : تَقَايَلَا فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ثُمَّ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَنُفُوذِهِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ حُكْمُهُ؟ إنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ فَحُكْمُهُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ