هَذَا الْمَالِ، يُعْتَقُ بِهِ أَمَّا إنْ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ لِيَشْتَرِيَهُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ فَفَعَلَ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيُعْتَقُ إنْ اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ فِي الذِّمَّةِ؟ ثُمَّ نَقَدَ الْمَالَ صَحَّ وَعَتَقَ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ الْمَالِ انْبَنَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَعْيِينِ النُّقُودِ بِالتَّعْيِينِ عَلَى مَا سَبَقَ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْحَارِثِ وَأَبِي دَاوُد الْبُطْلَانُ مُعَلَّلًا بِمَا ذَكَرْنَا وَذَكَرهُ الْخِرَقِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَعْلَمْ هَهُنَا أَنَّهَا مَالُهُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهَا عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَحَنْبَلٍ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ وَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَهَذَا قَدْ يَتَنَزَّلُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ.
وَقَدْ يَتَنَزَّلُ مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْيِينِ عَلَى أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ فِيهِ الْعِتْقُ كَمَا يَنْفُذُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِلْأَصْحَابِ وَكَذَلِكَ نَقَلَ مُهَنَّا عَنْهُ فِي عَبْدٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ آخَرَ فَاشْتَرَاهُ بِهَا مِنْ سَيِّدِهِ وَأَعْتَقَهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ بِمَالِهِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ كَانَ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَحَمَلَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ [فِي] الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ وَكَّلَ الرَّجُلَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا لِلْعَبْدِ وَتَكُونُ وَكَالَةً صَحِيحَةً قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ عَتَقَ فِي الْبَاطِنِ فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هَذَا فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ سَيِّدِهِ شَيْئًا بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لَا رِبًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَيَلْتَزِمُ عَلَيْهِ جَرَيَانُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا، قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَلَطًا فِي كِتَابَيْهِمَا يَعْنِي الْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ.
(وَمِنْهَا) إذَا عَتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ فَهَلْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ أَمْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ بَنَاهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ بِمَالِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لَمْ يَنْفَسِخْ.
(وَمِنْهَا) لَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ فَالْوَلَدُ مِلْكُ السَّيِّدِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْعَبْدِ لَكِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ فَإِذَا عَتَقَ وَلَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ حِينَئِذٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
(وَمِنْهَا) هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُ السَّيِّدِ فِي مَالِ الْعَبْدِ دُونَ اسْتِرْجَاعِهِ؟ إنْ قُلْنَا الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ صَحَّ بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُ السَّيِّدِ لِرَقِيقِ عَبْدِهِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ عِتْقِهِ قَالَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلِأَنَّ عِتْقَهُ يَتَضَمَّن الرُّجُوعَ فِي التَّمْلِيكِ.
(وَمِنْهَا) الْوَقْفُ عَلَى الْعَبْدِ فَنَصُّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute