مَنْصُوصَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي اخْتَارَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُنْقَسِمًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَعَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا مَغْصُوبٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِمَا تَعْلِيلًا بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ مَا يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ بِالْأَجْزَاءِ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا مَأْخَذُ الْبُطْلَانِ وَرَاءَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا لَوْ قَالُوا فِيمَا إذَا بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا: إنَّهُ لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً ; لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ هُنَا مِنْ تَفْرِيقِهِمَا وَفِي التَّلْخِيصِ أَنَّ لِلْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ مَأْخَذَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: كَوْنُ الصِّفَةِ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالِانْقِسَامَ.
وَالثَّانِي: جَهَالَةُ الْعِوَضِ قَالَ: فَعَلَى الْأَوَّلِ يَطَّرِدُ الْخِلَافُ فِي كُلِّ الْعُقُودِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَطَّرِدُ فِيمَا لَا عِوَضَ فِيهِ أَوْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهِ كَالنِّكَاحِ، قَالَ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ يُقْبَلُ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَذَا لَمْ يَصِحَّ وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي انْتَهَى ثُمَّ إنَّهُ حَكَى فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ بِعَدَدِهَا فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِ: يُقْبَلُ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَذَا عَلَى الْمَأْخَذَيْنِ ثُمَّ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إنْ عَلِمَا أَنَّ بَعْضَ الصَّفْقَةِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً ; لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَإِنْ جَهِلَا ذَلِكَ فَهُوَ مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ ; لِأَنَّ الْجَهْلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ تَأْثِيرٌ فِي الصِّحَّةِ كَمَا لَوْ شَرَى الْمَبِيعَ الَّذِي لَا يَسْقُطُ أَرْشُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْبَائِعَ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَكَذَا فِي بَيْعِ النَّجْشِ وَاخْتَارَ الْبَائِعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ عَمْدًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَسْقُطُ بَعْضُ الثَّمَنِ وَهَاهُنَا طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ لِدَفْعِ جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَهِيَ تَقْسِيطُهُ عَلَى عَدَدِ الْمَبِيعِ لَا عَلَى الْقِيَمِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَالْكِتَابَةِ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ فِيمَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ أَنَّ الثَّمَنَ يَتَقَسَّطُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلَا أَظُنُّ يَطَّرِدُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا. وَذَكَرَ فِي بَابِ الضَّمَانِ مِنْ كِتَابَيْهِمَا طَرِيقَةً ثَالِثَةً وَهِيَ أَنَّهُ يُمْسِكُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّهُ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ، وَأَنَّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ دَخَلَ عَلَى بَذْلِ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَصِحُّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ خَاصَّةً كَمَا نَقُولُ فِيمَنْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ يَعْلَمُ مَوْتَهُ بِشَيْءٍ أَنَّ الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا لِلْحَيِّ. وَلِبَعْضِهِمْ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فِي الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْمُعَاوَضَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَالطَّرِيقِ بَطَلَ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّحَوُّلِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقِيَاسُهُ الْخَمْرُ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلصِّحَّةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ. ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي الْمَذْهَبِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّفْرِيقِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَيْضًا الْأَرْشُ إذَا أَمْسَكَ بِالْقِسْطِ فِيمَا يَنْقُصُ بِالتَّفْرِيقِ كَالْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالثَّوْبِ الْوَاحِدِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي الضَّمَانِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الصَّفْقَةِ نَاشِئًا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فَهَاهُنَا حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَمْتَازَ بَعْضُ الْأَفْرَادِ بِمَزِيَّةٍ فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِخُصُوصِهِ أَمْ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ؟ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute