للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكَافِي مَعَ أَنَّ عِتْقَهُ يُوجِبُ ضَمَانَ قِيمَتِهِ يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ فِيهِ إسْقَاطًا لِحَقِّهِ الْقَائِمِ فِي الْعَيْنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَكَذَلِكَ إخْرَاجُ الرَّهْنِ بِالِاسْتِيلَادِ مُحَرَّمٌ وَلِأَجْلِهِ مَنَعْنَا أَصْلَ الْوَطْءِ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا نَفَّذْنَاهُ لِأَنَّ غُرَمَاءَهُ قَدْ قَطَعُوا تَصَرُّفَهُ فِيهِ بِالْحَجْرِ وَتَمَلَّكُوا الْمَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا فِي تَبْذِيرِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُ عِتْقِ الرَّاهِنِ كَاقْتِصَاصِهِ مِنْ أَحَدِ عَبِيدِهِ الْمَرْهُونِينَ إذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ نَصًّا، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِنُفُوذِ الْعِتْقِ وَلَا يَدُلُّ، وَأَمَّا اقْتِصَاصُ الرَّاهِنِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ أَوْ قِيمَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ وَوَاجِبًا عَلَى الرَّاهِنِ قِيمَتُهُ تَكُونُ رَهْنًا، وَصَرَّحَا أَيْضًا [هَهُنَا] بِأَنَّ الْعِتْقَ هَهُنَا لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا ذَكَرَا جَوَازَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُ الْقِصَاصِ فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ تَعَلُّقًا يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِدَلِيلِ أَنَّ حَقَّ الْجَانِي مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِانْحِصَارِ حَقِّهِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْعِتْقِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَمِنْهُ خِيَارُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَإِنْ اشْتِرَاطَهُ الْخِيَارَ فِي الْعَقْدِ تَعْرِيضٌ بِالْمُطَالَبَةِ بِالْفَسْخِ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إسْقَاطُ خِيَارِهِ الثَّابِتِ فِي الْمَجْلِسِ [بِالْعِتْقِ وَلَا غَيْرِهِ] كَمَا لَوْ اشْتَرَطَهُ.

وَيَنْدَرِجُ فِي صُوَرِ الْخِلَافِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مُفَارَقَةُ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فِي الْمَجْلِسِ بِغَيْرِ إذْنِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَفْسَخَ الْآخَرُ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يَجُوزُ ; لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ.

وَالثَّانِيَة لَا يَجُوزُ ; لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَمِنْهَا تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ بِالْوَقْفِ قَبْلَ الطَّلَبِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَصَرَّحَ الْقَاضِي بِجَوَازِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ تَحْرِيمُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الشَّرِيكِ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ لِيَأْخُذَ أَوْ يَذَرَ» ، مَعَ أَنَّ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ، فَأَوْلَى أَنْ يَنْهَى عَمَّا يُسْقِطُ حَقَّهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَمِنْهَا وَطْءُ الْعَبْدِ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْعِتْقِ لِيُسْقِطَ اخْتِيَارَهَا لِلْفَسْخِ، الْأَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ قِيَاسُ مَذْهَبِنَا جَوَازُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ

<<  <   >  >>