للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَبَقِيَ كَنَذْرِهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَيُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ صَارَ عِتْقُهُ مُسْتَحَقًّا كَالنَّذْرِ [فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيَكُونُ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا عَلَى صُورَةِ الْبَيْعِ كَمَا] لَوْ قَالَ لِمَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إذَا بِعْته فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ قَالَ لِأُمِّ وَلَدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَطَرَدَ قَوْلَهُ هَذَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْفَسْخِ وَالْخُلْعِ فَجَعَلَهُ مُعَلَّقًا عَلَى صُورَةِ الْفَسْخِ وَالْخُلْعِ قَالَ وَلَوْ قِيلَ بِانْعِقَادِ الْفَسْخِ وَالْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يُمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مَعَهُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ حَامِدٍ حَيْثُ أَوْقَعَهُ مَعَ الْبَيْنُونَةِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكَذَا بِالْفَسْخِ [وَاَللَّهُ أَعْلَمُ] .

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمِيرَاثِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى تَوْرِيثِ الطِّفْلِ مِنْ أَبِيهِ الْكَافِرِ وَالْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِهِ وَخَرَّجَهُ مَنْ خَرَّجَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ الْمُغْنِي عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَقَدَّمْ الْحُكْمُ بِالْإِرْثِ وَإِنَّمَا قَارَنَهُ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَ مُقَارَنَةِ الْمَانِعِ [لَهُ] لِأَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ الْمَنْعِ، وَالْمَنْعُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَالْحُكْمُ بِالتَّوْرِيثِ سَابِقٌ عَلَى الْمَنْعِ لِاقْتِرَانِهِ بِسَبَبِهِ.

وَأَمَّا اقْتِرَانُ الْحُكْمِ وَالْمَانِعِ فَلَهُ صُوَرٌ

: مِنْهَا تَوْرِيثُ الطِّفْلِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ مِنْهُ وَقَدْ ذُكِرَتْ وَمِنْهَا إذَا قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الدِّيَةِ نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الْأَصْحَابُ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الدِّيَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً أَوْ عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِ أَوَّلًا ; لِأَنَّا إنْ قُلْنَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَقَدْ اقْتَرَنَ الضَّمَانُ بِالْحُرِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ هُنَا بِالدِّيَةِ مُطْلَقًا اكْتِفَاءً بِمُقَارَنَةِ الشَّرْطِ لِلْحُكْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا فِي الضَّمَانِ بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ حِينَئِذٍ رَقِيقَةٌ فَلَا يَلْزَمُهَا أَكْثَرُ مِنْ ضَمَانِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مُقَارَنَةُ الْحُرِّيَّةِ بِحَالَةِ وُجُوبِ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ إذَا اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ لَمْ يَمْنَعْهُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الدِّيَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا فَقَدْ وَجَبَ لَهُ ذَلِكَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ، وَهِيَ إذْ ذَاكَ رَقِيقَةٌ فَسَبَقَ وَقْتُ وُجُوبِ الضَّمَانِ وَقْتَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الضَّمَانُ هُنَا لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ لَا يَجِبُ لَهُ الضَّمَانُ عَلَى رَقِيقِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَصَارَ كَالْوَاجِبِ لَهَا ابْتِدَاءً، وَلِهَذَا كَانُوا هُمْ الْمُطَالَبِينَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَادِمُ لِلطَّوْلِ الْخَائِفُ لِلْعَنَتِ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَمِنْهَا إذَا قَالَ الْمُتَزَوِّجُ بِأَمَةِ أَبِيهِ: إذَا مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَقَعُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَالْخِلَافِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْعُمَدِ وَاخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ [وُقُوعُ] الطَّلَاقِ وَالْمِلْكِ [وَالْمِلْكُ] سَبَبُ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَقَدْ سَبَقَ نُفُوذُ

<<  <   >  >>