وقال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (١/١٦٥) بعد ذكر الحديثين السابقين: ((اعلم أن الكلام في هذا الخبر في فصلين:
أحدهما: إطلاق صفة الغَيْرة عليه.
والثاني: في إطلاق الشخص.
أما الغيرة؛ فغير ممتنع إطلاقها عليه سبحانه؛ لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأن الغيرة هي الكراهية للشيء، وذلك جائز في صفاته. قال تعالى:{وَلَكِنْ كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ}[التوبة: ٤٦] )) اهـ.
وقال الحافظ ابن القيم في ((الصواعق المرسلة)) (٤/١٤٩٧) : ((إنَّ الغيرة تتضمن البغض والكراهة، فأخبر أنَّه لا أحد أغير منه، وأنَّ من غَيْرته حرَّم الفواحش، ولا أحد أحب إليه المدحة منه، والغيرةُ عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية، فيستحيل وصفه عندهم بذلك، ومعلومٌ أنَّ هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً، فإنَّ الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشةُ وتركها؛ مذمومٌ غايةَ الذمِّ مستحقٌ للذمِّ القبيح)) اهـ
وانظر:((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٦/١١٩-١٢٠) ، و (٤/١٨١) ؛ حيث نقل كلام شيخ الحرمين الكرجي في إثبات جملة من صفات الله عَزَّ وجلَّ، منها صفة (الغَيْرة) .