تتبارى، وصريف أَقلامهم يتجاوب على امتداد الزمن لِمَدَ حركة الفقه، وبسط أَحكامه لقاء تسلسل القضايا، وتتابع الأَحداث، واختلاف المفاهيم؟ ليبقى ظِلُ الفقه ممدوداً لا قالصاً، والأَجر على الاشتغال به كاملاً موفوراً لا ناقصاً، وهذا من المزيد في فضائل أمة محمد.
وانظر إلى حكمة الله سبحانه في إِخفاء ليلة القدر ليجتهد المسلمون في الطلب فيزداد التهجد والتعبُّد في جميع ليالي العشر، وهذا من رحمة الله بعباده، وتقوية النفوس على التعبُّد، وكذلك هنا تشحذ الهمم على التفقُه، وتجول الأَفكار، وتتحرك الأَنظار، وينمى رأس المال بما يتفق ومصالح العباد في الحال والمآل.
وقد أَلف السيوطي رحمه الله تعالى في فتح باب الاجتهاد وبيان نعمة الله بهذه المنح الِإلهية لعلماء أُمة محمد صلى الله عليه وسلم وانتصر لمذهب الإمام أَحمد في ذلك، وَرَدَّ على المخالفين من أهل مذهبه الشافعية وغيرهم في كتابين:" الرد على من أَخلد إلى الأَرض وجهل أَن الاجتهاد في كل عصر فرض " و " تيسير الاجتهاد ".
ومن هنا جاءت في كل مذهب هذه الثروة الفقهية العظيمة، وبدا فيها من عجائب الفقه والتفقه، وتعليل الأَحكام، وبيان مداركها، وتحقيق مناطها، وآثار اختلاف الأَفهام، وفائدة الخلاف؛ ما بهر العقول، وبلغ الألوف، ومنه في هذا المذهب المبارك إذ جاوزت كتبه الألف